القول في تأويل قوله تعالى : ( ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون ( 35 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أنشأنا هذه الجنات في هذه الأرض ليأكل عبادي من ثمره ، وما عملت أيديهم يقول : ليأكلوا من ثمر الجنات التي أنشأنا لهم ، وما عملت أيديهم مما غرسوا هم وزرعوا . و " ما " التي في قوله ( وما عملته أيديهم ) في موضع خفض عطفا على الثمر ، بمعنى : ومن الذي عملت ; وهي في قراءة عبد الله فيما ذكر : ( ومما عملته ) بالهاء على هذا المعنى ، فالهاء في قراءتنا مضمرة ، لأن العرب تضمرها أحيانا ، وتظهرها في صلات : من ، وما ، والذي . ولو قيل : " ما " بمعنى المصدر كان مذهبا ، فيكون معنى الكلام : ومن عمل أيديهم ، ولو قيل : إنها بمعنى الجحد ولا موضع لها كان أيضا مذهبا ، فيكون معنى الكلام : ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيديهم . وقوله ( أفلا يشكرون ) يقول : أفلا يشكر هؤلاء القوم الذين رزقناهم هذا الرزق من هذه الأرض الميتة التي أحييناها لهم من رزقهم ذلك وأنعم عليهم به؟