القول في تأويل قوله تعالى : ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ( 158 ) سبحان الله عما يصفون ( 159 ) إلا عباد الله المخلصين ( 160 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وجعل هؤلاء المشركون بين الله وبين الجنة نسبا .
واختلف أهل التأويل في معنى النسب الذي أخبر الله عنهم أنهم جعلوه لله تعالى ، فقال بعضهم : هو أنهم قالوا أعداء الله : إن الله وإبليس أخوان .
[ ص: 121 ] ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى وإبليس أخوان .
وقال آخرون : هو أنهم قالوا : الملائكة بنات الله ، وقالوا : الجنة : هي الملائكة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) قال : قال كفار قريش : الملائكة بنات الله ، فسأل أبو بكر : من أمهاتهن ؟ فقالوا : بنات سروات الجن ، يحسبون أنهم خلقوا مما خلق منه إبليس .
حدثنا عمرو بن يحيى بن عمران بن عفرة قال : ثنا عمرو بن سعيد الأبح ، عن عن سعيد بن أبي عروبة ، قتادة ، في قوله ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) قالت اليهود : إن الله تبارك وتعالى تزوج إلى الجن ، فخرج منهما الملائكة قال : سبحانه سبح نفسه .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) قال : الجنة الملائكة ، قالوا : هن بنات الله .
حدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) : الملائكة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) قال : بين الله وبين الجنة نسبا افتروا .
وقوله ( ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : ولقد علمت الجنة إنهم لمشهدون [ ص: 122 ] الحساب .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ) إنها ستحضر الحساب .
وقال آخرون : معناه : إن قائلي هذا القول سيحضرون العذاب في النار .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي إنهم لمحضرون ) إن هؤلاء الذين قالوا هذا لمحضرون : لمعذبون . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : إنهم لمحضرون العذاب ، لأن سائر الآيات التي ذكر فيها الإحضار في هذه السورة ، إنما عني به الإحضار في العذاب ، فكذلك في هذا الموضع .
وقوله ( سبحان الله عما يصفون ) يقول - تعالى ذكره - تنزيها لله ، وتبرئة له مما يضيف إليه هؤلاء المشركون به ، ويفترون عليه ، ويصفونه ، من أن له بنات ، وأن له صاحبة .
وقوله ( إلا عباد الله المخلصين ) يقول : ولقد علمت الجنة أن الذين قالوا : إن الملائكة بنات الله لمحضرون العذاب ، إلا عباد الله الذين أخلصهم لرحمته ، وخلقهم لجنته .