القول في تأويل قوله تعالى : ( فكفروا به فسوف يعلمون ( 170 ) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 ) إنهم لهم المنصورون ( 172 ) وإن جندنا لهم الغالبون ( 173 ) )
يقول - تعالى ذكره - : فلما جاءهم الذكر من عند الله كفروا به ، وذلك كفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جاءهم به من عند الله من التنزيل والكتاب ، يقول الله : فسوف يعلمون إذا وردوا علي ماذا لهم من العذاب بكفرهم بذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ) قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ( فسوف يعلمون ) يقول : قد جاءكم محمد بذلك ، فكفروا بالقرآن وبما جاء به محمد .
وقوله ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون : أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أم الكتاب ، وهو أنهم لهم النصرة والغلبة بالحجج .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ) حتى بلغ : ( لهم الغالبون ) قال : سبق هذا [ ص: 131 ] من الله لهم أن ينصرهم .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون ) يقول : بالحجج .
وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة . وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : " ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين " فجعلت على مكان اللام ، فكأن المعنى : حقت عليهم ولهم ، كما قيل : على ملك سليمان ، وفي ملك سليمان ، إذ كان معنى ذلك واحدا .
وقوله ( وإن جندنا لهم الغالبون ) يقول : وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون ، يقول : لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا ، والخلاف علينا .