القول في تأويل قوله تعالى : ( فتول عنهم حتى حين ( 174 ) وأبصرهم فسوف يبصرون ( 175 ) أفبعذابنا يستعجلون ( 176 ) فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ( 177 ) )
يعني - تعالى ذكره - بقوله ( فتول عنهم حتى حين ) : فأعرض عنهم إلى حين .
واختلف أهل التأويل في هذا الحين ، فقال بعضهم : معناه إلى الموت .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فتول عنهم حتى حين ) : أي إلى الموت .
وقال آخرون : إلى يوم بدر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن [ ص: 132 ] في قوله ( السدي ، فتول عنهم حتى حين ) قال : حتى يوم بدر . وقال آخرون : معنى ذلك : إلى يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فتول عنهم حتى حين ) قال : يوم القيامة .
وهذا القول الذي قاله أشبه بما دل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن الله توعدهم بالعذاب الذي كانوا يستعجلونه ، فقال : ( السدي ، أفبعذابنا يستعجلون ) ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليهم إلى مجيء حينه . فتأويل الكلام : فتول عنهم يا محمد إلى حين مجيء عذابنا ، ونزوله بهم .
وقوله ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) : وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) حين لا ينفعهم البصر .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) يقول : أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد اليوم قال : يقول : يبصرون يوم القيامة ما ضيعوا من أمر الله ، وكفرهم بالله ورسوله وكتابه قال : فأبصرهم وأبصر - واحد .
وقوله ( أفبعذابنا يستعجلون ) يقول : فبنزول عذابنا بهم يستعجلونك يا محمد ، وذلك قولهم للنبي ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) .
وقوله ( فإذا نزل بساحتهم ) يقول : فإذا نزل بهؤلاء المشركين المستعجلين [ ص: 133 ] بعذاب الله - العذاب . العرب تقول : نزل بساحة فلان العذاب والعقوبة ، وذلك إذا نزل به ، والساحة : هي فناء دار الرجل ، ( فساء صباح المنذرين ) يقول : فبئس صباح القوم الذين أنذرهم رسولنا نزول ذلك العذاب بهم فلم يصدقوا به .
ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، فإذا نزل بساحتهم ) قال : بدارهم ، ( فساء صباح المنذرين ) قال : بئس ما يصبحون .