القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29009_30539_32016nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص ( 3 ) )
يقول - تعالى ذكره - : كثيرا أهلكنا من قبل هؤلاء المشركين من
قريش الذين كذبوا رسولنا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءهم به من عندنا من الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3من قرن ) يعني : من الأمم الذين كانوا قبلهم ، فسلكوا سبيلهم في تكذيب رسلهم فيما أتوهم به من عند الله ( فنادوا ) يقول : فعجوا إلى ربهم وضجوا واستغاثوا بالتوبة إليه ، حين نزل بهم بأس الله وعاينوا به عذابه فرارا من عقابه ، وهربا من أليم عذابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) يقول : وليس ذلك حين فرار ولا هرب من العذاب بالتوبة ، وقد حقت كلمة العذاب عليهم ، وتابوا حين لا تنفعهم التوبة ، واستقالوا في غير وقت الإقالة . وقوله ( مناص ) مفعل من النوص ، والنوص في كلام العرب : التأخر ، والمناص : المفر ، ومنه قول
امرئ القيس :
أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص
[ ص: 143 ] يقول : أو تقدم . يقال من ذلك : ناصني فلان : إذا ذهب عنك ، وباصني : إذا سبقك ، وناض في البلاد : إذا ذهب فيها ، بالضاد . وذكر
الفراء أن
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي أنشده :
إذا عاش إسحاق وشيخه لم أبل فقيدا ولم يصعب علي مناض
ولو أشرفت من كفة الستر عاطلا لقلت غزال ما عليه خضاض
والخضاض : الحلي .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق عن
التميمي عن
ابن عباس في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : ليس بحين نزو ، ولا حين فرار .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن عطية قال : ثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
التميمي قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أرأيت قول الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : ليس بحين نزو ولا فرار .
[ ص: 144 ] حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق الهمداني عن
التميمي قال : سألت
ابن عباس : قول الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : ليس حين نزو ولا فرار .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : ليس حين نزو ولا فرار .
حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) يقول : ليس حين مغاث .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن . قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : ليس هذا بحين فرار .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فنادوا ولات حين مناص ) قال : نادى القوم على غير حين نداء ، وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله فلم يقبل منهم ذلك .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) قال : حين نزل بهم العذاب لم يستطيعوا الرجوع إلى التوبة ، ولا فرارا من العذاب .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فنادوا ولات حين مناص ) يقول : وليس حين فرار .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) ولات حين منجى ينجون منه ، ونصب حين في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) تشبيها للات بليس ، وأضمر فيها اسم الفاعل .
وحكى بعض نحويي أهل
البصرة الرفع مع لات في حين زعم أن بعضهم رفع " ولات حين مناص " فجعله في قوله ليس ، كأنه قال : ليس ، وأضمر الحين قال : وفي الشعر :
[ ص: 145 ] طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
فجر " أوان " وأضمر الحين إلى أوان ، لأن لات لا تكون إلا مع الحين قال : ولا تكون لات إلا مع حين . وقال بعض نحويي
الكوفة : من العرب من يضيف لات فيخفض بها ، وذكر أنه أنشد :
لات ساعة مندم
[ ص: 146 ] بخفض الساعة قال : والكلام أن ينصب بها ، لأنها في معنى ليس ، وذكر أنه أنشد :
تذكر حب ليلى لات حينا
وأضحى الشيب قد قطع القرينا
قال : وأنشدني بعضهم :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
بخفض " أوان " قال : وتكون لات مع الأوقات كلها .
واختلفوا في وجه الوقف على قراءة : ( لات حين ) فقال بعض أهل العربية : الوقف عليه : ولات ، بالتاء ، ثم يبتدأ : حين مناص ، قالوا : وإنما هي " لا " التي بمعنى : " ما " ، وإن في الجحد وصلت بالتاء ، كما وصلت ثم بها ، فقيل : ثمت ، وكما وصلت رب فقيل : ربت .
وقال آخرون منهم : بل هي هاء زيدت في لا فالوقف عليها لاه ، لأنها هاء زيدت للوقف ، كما زيدت في قولهم :
العاطفونة حين ما من عاطف والمطعمونة حين أين المطعم
[ ص: 147 ] فإذا وصلت صارت تاء . وقال بعضهم : الوقف على " لا " ، والابتداء بعدها : تحين ، وزعم أن حكم التاء أن تكون في ابتداء حين ، وأوان ، والآن ، ويستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر :
نولى قبل يوم سبي جمانا وصلينا كما زعمت تلانا
وأنه ليس هاهنا " لا " فيوصل بها هاء أو تاء ، ويقول : إن قوله ( لات حين ) إنما هي : ليس حين ، ولم توجد لات في شيء من الكلام .
[ ص: 148 ] والصواب من القول في ذلك عندنا : أن " لا " حرف جحد كما ، وإن وصلت بها تصير في الوصل تاء ، كما فعلت العرب ذلك بالأدوات ، ولم تستعمل ذلك كذلك مع " لا " المدة إلا للأوقات دون غيرها ، ولا وجه للعلة التي اعتل بها القائل : إنه لم يجد لات في شيء من كلام العرب ، فيجوز توجيه قوله ( ولات حين ) إلى ذلك ، لأنها تستعمل الكلمة في موضع ، ثم تستعملها في موضع آخر بخلاف ذلك ، وليس ذلك بأبعد في القياس من الصحة من قولهم : رأيت بالهمز ، ثم قالوا : فأنا أراه بترك الهمز لما جرى به استعمالهم ، وما أشبه ذلك من الحروف التي تأتي في موضع على صورة ، ثم تأتي بخلاف ذلك في موضع آخر للجاري من استعمال العرب ذلك بينها . وأما ما استشهد به من قول الشاعر : " وكما زعمت تلانا " ، فإن ذلك منه غلط في تأويل الكلمة ، وإنما أراد الشاعر بقوله :
وصلينا كما زعمت تلانا
وصلينا كما زعمت أنت الآن ، فأسقط الهمزة من أنت ، فلقيت التاء من زعمت النون من أنت ، وهي ساكنة ، فسقطت من اللفظ ، وبقيت التاء من أنت ، ثم حذفت الهمزة من الآن ، فصارت الكلمة في اللفظ كهيئة تلان ، والتاء الثانية على الحقيقة منفصلة من الآن ، لأنها تاء أنت . وأما زعمه أنه رأى في المصحف الذي يقال له الإمام - التاء متصلة ب " حين " ، فإن الذي جاءت به مصاحف المسلمين في أمصارها هو الحجة على أهل الإسلام ، والتاء في جميعها منفصلة عن حين ، فلذلك اخترنا أن يكون الوقف على الهاء في قوله ( ولات حين )
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29009_30539_32016nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ( 3 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : كَثِيرًا أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ
قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَذَّبُوا رَسُولَنَا
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِنَا مِنَ الْحَقِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3مِنْ قَرْنٍ ) يَعْنِي : مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ ، فَسَلَكُوا سَبِيلَهُمْ فِي تَكْذِيبِ رُسُلِهِمْ فِيمَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ( فَنَادَوْا ) يَقُولُ : فَعَجُّوا إِلَى رَبِّهِمْ وَضَجُّوا وَاسْتَغَاثُوا بِالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ ، حِينَ نَزَلَ بِهِمْ بَأْسُ اللَّهِ وَعَايَنُوا بِهِ عَذَابَهُ فِرَارًا مِنْ عِقَابِهِ ، وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) يَقُولُ : وَلَيْسَ ذَلِكَ حِينَ فِرَارٍ وَلَا هَرَبٍ مِنَ الْعَذَابِ بِالتَّوْبَةِ ، وَقَدْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ ، وَتَابُوا حِينَ لَا تَنْفَعُهُمُ التَّوْبَةُ ، وَاسْتَقَالُوا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْإِقَالَةِ . وَقَوْلُهُ ( مَنَاصٍ ) مَفْعَلٌ مِنَ النَّوْصِ ، وَالنَّوْصُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : التَّأَخُّرُ ، وَالْمَنَاصُ : الْمَفَرُّ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى إِذْ نَأَتْكَ تَنُوصُ فَتُقْصِرُ عَنْهَا خَطْوَةً وَتَبُوصُ
[ ص: 143 ] يَقُولُ : أَوْ تَقَدَّمُ . يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ : نَاصَنِي فُلَانٌ : إِذَا ذَهَبَ عَنْكَ ، وَبَاصَنِي : إِذَا سَبَقَكَ ، وَنَاضَ فِي الْبِلَادِ : إِذَا ذَهَبَ فِيهَا ، بِالضَّادِ . وَذَكَرَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيَّ أَنْشَدَهُ :
إِذَا عَاشَ إِسْحَاقُ وَشَيْخُهُ لَمْ أُبَلْ فَقِيدًا وَلَمْ يَصْعُبْ عَلَيَّ مَنَاضُ
وَلَوْ أَشْرَفَتْ مِنْ كُفَّةِ السِّتْرِ عَاطِلًا لَقُلْتُ غَزَالٌ مَا عَلَيْهِ خُضَاضُ
وَالْخُضَاضُ : الْحُلِيُّ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ
التَّمِيمِيِّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : لَيْسَ بِحِينِ نَزْوٍ ، وَلَا حِينِ فِرَارٍ .
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : ثَنَا
ابْنُ عَطِيَّةَ قَالَ : ثَنَا
إِسْرَائِيلُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ
التَّمِيمِيِّ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : لَيْسَ بِحِينِ نَزْوٍ وَلَا فِرَارٍ .
[ ص: 144 ] حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ
التَّمِيمِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ : قَوْلُ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : لَيْسَ حِينَ نَزْوٍ وَلَا فِرَارٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي قَالَ : ثَنِي عَمِّي قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : لَيْسَ حِينَ نَزْوٍ وَلَا فِرَارٍ .
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) يَقُولُ : لَيْسَ حِينَ مَغَاثٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ . قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : لَيْسَ هَذَا بِحِينِ فِرَارٍ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : نَادَى الْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ حِينِ نِدَاءٍ ، وَأَرَادُوا التَّوْبَةَ حِينَ عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) قَالَ : حِينَ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الرُّجُوعَ إِلَى التَّوْبَةِ ، وَلَا فِرَارًا مِنَ الْعَذَابِ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : ثَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) يَقُولُ : وَلَيْسَ حِينَ فِرَارٍ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) وَلَاتَ حِينَ مَنْجَى يَنْجُونَ مِنْهُ ، وَنُصِبَ حِينٌ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) تَشْبِيهًا لِلَاتَ بِلَيَسَ ، وَأُضْمِرَ فِيهَا اسْمُ الْفَاعِلِ .
وَحَكَى بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ
الْبَصْرَةِ الرَّفْعَ مَعَ لَاتَ فِي حِينَ زَعَمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَفَعَ " وَلَاتَ حِينُ مَنَاصٍ " فَجَعَلَهُ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ ، كَأَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ ، وَأُضْمِرَ الْحِينُ قَالَ : وَفِي الشِّعْرِ :
[ ص: 145 ] طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَاتَ أَوَانِ فَأَجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حِينَ بَقَاءِ
فَجَرَّ " أَوَانَ " وَأَضْمَرَ الْحِينَ إِلَى أَوَانِ ، لِأَنَّ لَاتَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْحِينِ قَالَ : وَلَا تَكُونُ لَاتَ إِلَّا مَعَ حِينٍ . وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ : مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُضِيفُ لَاتَ فَيَخْفِضُ بِهَا ، وَذُكِرَ أَنَّهُ أَنْشَدَ :
لَاتَ سَاعَةِ مَنْدَمٍ
[ ص: 146 ] بِخَفْضِ السَّاعَةِ قَالَ : وَالْكَلَامُ أَنْ يُنْصَبَ بِهَا ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى لَيْسَ ، وَذُكِرَ أَنَّهُ أَنْشَدَ :
تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لَاتَ حِينَا
وَأَضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ الْقَرِينَا
قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْضُهُمْ :
طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَاتَ أَوَانٍ فَأَجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حِينَ بَقَاءِ
بِخَفْضِ " أَوَانٍ " قَالَ : وَتَكُونُ لَاتَ مَعَ الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا .
وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْوَقْفِ عَلَى قِرَاءَةِ : ( لَاتَ حِينَ ) فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ : الْوَقْفُ عَلَيْهِ : وَلَاتْ ، بِالتَّاءِ ، ثُمَّ يُبْتَدَأُ : حِينَ مَنَاصٍ ، قَالُوا : وَإِنَّمَا هِيَ " لَا " الَّتِي بِمَعْنَى : " مَا " ، وَإِنَّ فِي الْجَحْدِ وُصِلَتْ بِالتَّاءِ ، كَمَا وُصِلَتْ ثُمَّ بِهَا ، فَقِيلَ : ثُمَّتْ ، وَكَمَا وُصِلَتْ رُبَّ فَقِيلَ : رُبَّتْ .
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ هِيَ هَاءٌ زِيدَتْ فِي لَا فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا لَاهْ ، لِأَنَّهَا هَاءٌ زِيدَتْ لِلْوَقْفِ ، كَمَا زِيدَتْ فِي قَوْلِهِمْ :
الْعَاطِفُونَةَ حِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ وَالْمُطْعِمُونَةَ حِينَ أَيْنَ الْمَطْعَمُ
[ ص: 147 ] فَإِذَا وُصِلَتْ صَارَتْ تَاءً . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْوَقْفُ عَلَى " لَا " ، وَالِابْتِدَاءُ بَعْدَهَا : تَحِينَ ، وَزَعَمَ أَنَّ حُكْمَ التَّاءِ أَنْ تَكُونَ فِي ابْتِدَاءِ حِينَ ، وَأَوَانَ ، وَالْآنَ ، وَيَسْتَشْهِدُ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
نَوِّلِى قَبْلَ يَوْمِ سَبْيٍ جُمَانَا وَصَلِينَا كَمَا زَعَمْتِ تِلَانَا
وَأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا " لَا " فَيُوَصَلُ بِهَا هَاءٌ أَوْ تَاءٌ ، وَيَقُولُ : إِنَّ قَوْلَهُ ( لَاتَ حِينَ ) إِنَّمَا هِيَ : لَيْسَ حِينَ ، وَلَمْ تُوجَدْ لَاتَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ .
[ ص: 148 ] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا : أَنَّ " لَا " حَرْفُ جَحْدٍ كَمَا ، وَإِنْ وَصَلْتَ بِهَا تَصِيرُ فِي الْوَصْلِ تَاءً ، كَمَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ بِالْأَدَوَاتِ ، وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَعَ " لَا " الْمُدَّةِ إِلَّا لِلْأَوْقَاتِ دُونَ غَيْرِهَا ، وَلَا وَجْهَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي اعْتَلَ بِهَا الْقَائِلُ : إِنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَاتَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ ، فَيَجُوزُ تَوْجِيهُ قَوْلِهِ ( وَلَاتَ حِينَ ) إِلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهَا تَسْتَعْمِلُ الْكَلِمَةَ فِي مَوْضِعٍ ، ثُمَّ تَسْتَعْمِلُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَبْعَدِ فِي الْقِيَاسِ مِنَ الصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ : رَأَيْتُ بِالْهَمْزِ ، ثُمَّ قَالُوا : فَأَنَا أَرَاهُ بِتَرْكِ الْهَمْزِ لِمَا جَرَى بِهِ اسْتِعْمَالُهُمْ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تَأْتِي فِي مَوْضِعٍ عَلَى صُورَةٍ ، ثُمَّ تَأْتِي بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِلْجَارِي مِنِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ ذَلِكَ بَيْنَهَا . وَأَمَّا مَا اسْتُشْهِدَ بِهِ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ : " وَكَمَا زَعَمْتِ تِلَانَا " ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ غَلَطٌ فِي تَأْوِيلِ الْكَلِمَةِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ :
وَصِلِينَا كَمَا زَعَمْتِ تِلَانَا
وَصَلِينَا كَمَا زَعَمْتِ أَنْتِ الْآنَ ، فَأَسْقَطَ الْهَمْزَةَ مِنْ أَنْتِ ، فَلَقِيَتِ التَّاءُ مِنْ زَعَمْتِ النُّونَ مِنْ أَنْتِ ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ ، فَسَقَطَتْ مِنَ اللَّفْظِ ، وَبَقِيَتِ التَّاءُ مِنْ أَنْتِ ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ مِنَ الْآنَ ، فَصَارَتِ الْكَلِمَةُ فِي اللَّفْظِ كَهَيْئَةِ تَلَّانِ ، وَالتَّاءُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُنْفَصِلَةٌ مِنَ الْآنَ ، لِأَنَّهَا تَاءُ أَنْتِ . وَأَمَّا زَعْمُهُ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْإِمَامُ - التَّاءَ مُتَّصِلَةً بِ " حِينَ " ، فَإِنَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِفُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْصَارِهَا هُوَ الْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَالتَّاءُ فِي جَمِيعِهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ حِينَ ، فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَا أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ عَلَى الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ ( وَلَاتَ حِينَ )