يقول - تعالى ذكره - : كذبت قبل هؤلاء المشركين من قريش ، القائلين : أجعل الآلهة إلها واحدا ، رسلها - قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد .
واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله قيل لفرعون ذو الأوتاد ، فقال بعضهم : قيل ذلك له لأنه كانت له ملاعب من أوتاد ، يلعب له عليها .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن علي بن الهيثم عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( وفرعون ذو الأوتاد ) قال : كانت ملاعب يلعب له تحتها .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وفرعون ذو الأوتاد ) قال : كان له أوتاد وأرسان ، وملاعب يلعب له عليها .
وقال آخرون : بل قيل ذلك له كذلك لتعذيبه الناس بالأوتاد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، [ ص: 159 ] عن ، قوله ( ذو الأوتاد ) قال : كان يعذب الناس بالأوتاد ، يعذبهم بأربعة أوتاد ، ثم يرفع صخرة تمد بالحبال ، ثم تلقى عليه فتشدخه . السدي
حدثت عن علي بن الهيثم عن ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قال : كان يعذب الناس بالأوتاد .
وقال آخرون : معنى ذلك : ذو البنيان ، قالوا : والبنيان هو الأوتاد .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن المحاربي عن جويبر ، عن الضحاك ( ذو الأوتاد ) قال : ذو البنيان .
وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عني بذلك الأوتاد ، إما لتعذيب الناس ، وإما للعب ، كان يلعب له بها ، وذلك أن ذلك هو المعروف من معنى الأوتاد ، وثمود وقوم لوط ، وقد ذكرنا أخبار كل هؤلاء فيما مضى قبل من كتابنا هذا . ( وأصحاب الأيكة ) يعني : وأصحاب الغيضة .
وكان أبو عمرو بن العلاء فيما حدثت عن عن معمر بن المثنى أبي عمرو يقول : الأيكة الحرجة من النبع والسدر ، وهو الملتف منه ، قال الشاعر :
أفمن بكاء حمامة في أيكة يرفض دمعك فوق ظهر المحمل
يعني : محمل السيف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 160 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأصحاب الأيكة ) قال : كانوا أصحاب شجر قال : وكان عامة شجرهم الدوم .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن قوله ( السدي وأصحاب الأيكة ) قال : أصحاب الغيضة .
وقوله ( أولئك الأحزاب ) يقول - تعالى ذكره - : هؤلاء الجماعات المجتمعة ، والأحزاب المتحزبة على معاصي الله والكفر به ، الذين منهم يا محمد مشركو قومك ، وهم مسلوك بهم سبيلهم .
( إن كل إلا كذب الرسل ) يقول : ما كل هؤلاء الأمم إلا كذب رسل الله ، وهي في قراءة عبد الله كما ذكر لي : " إن كل لما كذب الرسل فحق عقاب " يقول : فوجب عليهم عقاب الله إياهم .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ) قال : هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل ، فحق عليهم العذاب .