القول في تأويل قوله تعالى : ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( 10 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) يا محمد لعبادي الذين آمنوا : ( يا عباد الذين آمنوا ) بالله ، وصدقوا رسوله ( اتقوا ربكم ) بطاعته واجتناب معاصيه ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة )
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : للذين أطاعوا الله حسنة في هذه الدنيا ، وقال " في " من صلة " حسنة " ، وجعل معنى الحسنة : الصحة والعافية .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) قال : العافية والصحة .
وقال آخرون " في " من صلة أحسنوا ، ومعنى الحسنة : الجنة .
وقوله : ( وأرض الله واسعة ) يقول - تعالى ذكره - : وأرض الله فسيحة واسعة ، فهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام .
كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : ( وأرض الله واسعة ) فهاجروا واعتزلوا الأوثان .
وقوله : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) يقول - تعالى ذكره - : [ ص: 270 ] إنما ، يقول : ثوابهم بغير حساب . يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا فيه في الدنيا أجرهم في الآخرة بغير حساب
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) لا والله ما هناكم مكيال ولا ميزان .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) قال : في الجنة .