القول في تأويل قوله تعالى : ( فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم    ( 12 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ففرغ من خلقهن سبع سموات في يومين ، وذلك يوم الخميس ويوم الجمعة . 
كما حدثني موسى  قال : ثنا عمرو  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي  قال : استوى إلى السماء وهي دخان من تنفس الماء حين تنفس ، فجعلها سماء واحدة ، ففتقها ، فجعلها سبع سموات في يومين ، في الخميس والجمعة . وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض .  [ ص: 441 ] 
وقوله : ( وأوحى في كل سماء أمرها   ) يقول : وألقى في كل سماء من السموات السبع ما أراد من الخلق . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  ، في قوله : ( وأوحى في كل سماء أمرها   ) قال : ما أمر الله به وأراده . 
حدثنا موسى  قال : ثنا عمرو  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( وأوحى في كل سماء أمرها   ) قال : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد ، وما لا يعلم . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( وأوحى في كل سماء أمرها   ) : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها . 
وقوله : ( وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا   ) يقول - تعالى ذكره - : وزينا السماء الدنيا إليكم أيها الناس بالكواكب وهي المصابيح . 
كما حدثنا موسى  قال : ثنا عمرو  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( زينا السماء الدنيا بمصابيح   ) قال : ثم زين السماء بالكواكب ، فجعلها زينة ( وحفظا ) من الشياطين . 
واختلف أهل العربية في وجه نصبه قوله : ( وحفظا ) فقال بعض نحويي البصرة :  نصب بمعنى : وحفظناها حفظا ، كأنه قال : ونحفظها حفظا ، لأنه حين قال : " زيناها بمصابيح   " قد أخبر أنه قد نظر في أمرها وتعهدها ، فهذا يدل على الحفظ ، كأنه قال : وحفظناها حفظا . وكان بعض نحويي الكوفة  يقول : نصب ذلك على معنى : وحفظا زيناها ، لأن الواو لو سقطت لكان إنا زينا السماء الدنيا حفظا؛ وهذا القول الثاني أقرب عندنا للصحة من الأول .  [ ص: 442 ] 
وقد بينا العلة في نظير ذلك في غير موضع من هذا الكتاب ، فأغنى ذلك عن إعادته . 
وقوله : ( ذلك تقدير العزيز العليم   ) يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي وصفت لكم من خلقي السماء والأرض وما فيهما ، وتزييني السماء الدنيا بزينة الكواكب ، على ما بينت تقدير العزيز في نقمته من أعدائه ، العليم بسرائر عباده وعلانيتهم ، وتدبيرهم على ما فيه صلاحهم . 
				
						
						
