القول في تأويل قوله تعالى : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم  ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب   ( 14 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وما تفرق المشركون بالله في أديانهم فصاروا أحزابا ، إلا من بعد ما جاءهم العلم ، بأن الذي أمرهم الله به ، وبعث به نوحا ، هو إقامة الدين الحق ، وأن لا تتفرقوا فيه .  [ ص: 515 ] 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم   ) فقال : إياكم والفرقة فإنها هلكة ( بغيا بينهم ) يقول : بغيا من بعضكم على بعض وحسدا وعداوة على طلب الدنيا . ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى   ) يقول - جل ثناؤه - : ولولا قول سبق يا محمد  من ربك لا يعاجلهم بالعذاب ، ولكنه أخر ذلك إلى أجل مسمى ، وذلك الأجل المسمى فيما ذكر : يوم القيامة  . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى   ) قال : يوم القيامة  . 
وقوله : ( لقضي بينهم   ) يقول : لفرغ ربك من الحكم بين هؤلاء المختلفين في الحق الذي بعث به نبيه نوحا  من بعد علمهم به ، بإهلاكه أهل الباطل منهم ، وإظهاره أهل الحق عليهم . 
وقوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم   ) يقول : وإن الذين آتاهم الله من بعد هؤلاء المختلفين في الحق كتابه التوراة والإنجيل . ( لفي شك منه مريب   ) يقول : لفي شك من الدين الذي وصى الله به نوحا  ، وأوحاه إليك يا محمد  ، وأمركما بإقامته مريب . 
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم   ) قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي  قوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم   ) قال : اليهود  والنصارى   . 
				
						
						
