يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ترى يا محمد الكافرين بالله يوم القيامة ( مشفقين مما كسبوا ) يقول : وجلين خائفين من عقاب الله على ما كسبوا في الدنيا من أعمالهم الخبيثة . ( وهو واقع بهم ) يقول : والذين هم مشفقون منه من عذاب الله نازل بهم ، وهم ذائقوه لا محالة .
وقوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) يقول - تعالى ذكره - : والذين آمنوا بالله وأطاعوه فيما أمر ونهى في الدنيا في روضات البساتين في الآخرة . ويعني بالروضات : جمع روضة ، وهي المكان الذي يكثر نبته ، ولا تقول العرب لمواضع الأشجار رياض؛ ومنه قول أبي النجم .
والنغض مثل الأجرب المدجل حدائق الروض التي لم تحلل
يعني بالروض : جمع روضة . وإنما عنى - جل ثناؤه - بذلك : الخبر عما هم [ ص: 524 ] فيه من السرور والنعيم .
كما : حدثني محمد بن سعد قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) إلى آخر الآية . قال في رياض الجنة ونعيمها .
وقوله : ( لهم ما يشاءون عند ربهم ) يقول للذين آمنوا وعملوا الصالحات عند ربهم في الآخرة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذه أعينهم ، ذلك هوالفوز الكبير ، يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي أعطاهم الله من هذا النعيم ، وهذه الكرامة في الآخرة : هو الفضل من الله عليهم ، الكبير الذي يفضل كل نعيم وكرامة في الدنيا من بعض أهلها على بعض .