القول في ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون ( 34 ) تأويل قوله تعالى : ( وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ( 35 ) ) [ ص: 601 ]
يقول - تعالى ذكره - : وجعلنا لبيوتهم أبوابا من فضة ، وسررا من فضة .
كما حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، وسررا قال : سرر فضة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، فى قوله : ( ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون ) قال : الأبواب من فضة ، والسرر من فضة عليها يتكئون ، يقول : على السرر يتكئون .
وقوله : ( وزخرفا ) يقول : ولجعلنا لهم مع ذلك زخرفا ، وهو الذهب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( وزخرفا ) وهو الذهب .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وزخرفا ) قال : الذهب . وقال الحسن : بيت من زخرف ، قال : ذهب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وزخرفا ) الزخرف : الذهب ، قال : قد والله كانت تكره ثياب الشهرة . وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " " . إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي وزخرفا ) قال : الذهب . [ ص: 602 ]
حدثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي وزخرفا ) قال : الذهب .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وزخرفا ) لجعلنا هذا لأهل الكفر ، يعني لبيوتهم سقفا من فضة وما ذكر معها . والزخرف سمي هذا الذي سمي السقف ، والمعارج والأبواب والسرر من الأثاث والفرش والمتاع .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وزخرفا ) يقول : ذهبا . والزخرف على قول ابن زيد : هذا هو ما تتخذه الناس من منازلهم من الفرش والأمتعة والآلات .
وفي نصب الزخرف وجهان : أحدهما : أن يكون معناه : لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومن زخرف ، فلما لم يكرر عليه من نصب على إعمال الفعل فيه ذلك ، والمعنى فيه : فكأنه قيل : وزخرفا يجعل ذلك لهم منه . والوجه الثاني : أن يكون معطوفا على السرر ، فيكون معناه : لجعلنا لهم هذه الأشياء من فضة ، وجعلنا لهم مع ذلك ذهبا يكون لهم غنى يستغنون بها ، ولو كان التنزيل جاء بخفض الزخرف لكان : لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومن زخرف ، فكان الزخرف يكون معطوفا على الفضة . وأما المعارج فإنها جمعت على مفاعل ، وواحدها معراج ، على جمع معرج ، كما يجمع المفتاح مفاتح على جمع مفتح ، لأنهما لغتان : معرج ، ومفتح ، ولو جمع معاريج كان صوابا ، كما يجمع المفتاح مفاتيح ، إذ كان واحده معراج .
وقوله : ( وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) يقول - تعالى ذكره - : وما كل هذه الأشياء التي ذكرت من السقف من الفضة والمعارج والأبواب والسرر من الفضة والزخرف ، إلا متاع يستمتع به أهل الدنيا في الدنيا . ( والآخرة عند ربك للمتقين ) يقول - تعالى ذكره - : وزين الدار الآخرة وبهاؤها عند ربك [ ص: 603 ] للمتقين ، الذين اتقوا الله فخافوا عقابه ، فجدوا في طاعته ، وحذروا معاصيه خاصة دون غيرهم من خلق الله .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والآخرة عند ربك للمتقين ) خصوصا .