nindex.php?page=treesubj&link=29017_31037القول في تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين ( 9 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل يا
محمد لمشركي قومك من
قريش (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9ما كنت بدعا من الرسل ) يعني : ما كنت أول رسل الله التي أرسلها إلى خلقه ، قد كان من قبلي له رسل كثيرة أرسلت إلى أمم قبلكم; يقال منه : هو بدع في هذا الأمر ، وبديع فيه ، إذا كان فيه أول . ومن البدع قول
عدي بن زيد .
[ ص: 98 ] فلا أنا بدع من حوادث تعتري رجلا عرت من بعد بؤسى وأسعد
ومن البديع قول
الأحوص :
فخرت فانتمت فقلت انظريني ليس جهل أتيته ببديع
يعني بأول ، يقال : هو بدع من قوم أبداع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9ما كنت بدعا من الرسل ) يقول : لست بأول الرسل .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9ما كنت بدعا من الرسل ) قال : يقول : ما كنت أول رسول أرسل .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9ما كنت بدعا من الرسل ) قال : ما كنت أولهم .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
عبد الوهاب بن معاوية ، عن
أبي هبيرة ،
[ ص: 99 ] قال : سألت
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قل ما كنت بدعا من الرسل ) قال : أي قد كانت قبلي رسل .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قل ما كنت بدعا من الرسل ) يقول : أي أن الرسل قد كانت قبلي .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9بدعا من الرسل ) قال : قد كانت قبله رسل .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : عنى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقيل له : قل للمؤمنين بك ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة ، وإلام نصير هنالك ، قالوا ثم بين الله لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين به حالهم في الآخرة ، فقيل له (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم ) .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) فأنزل الله بعد هذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، عن
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة والحسن البصري قالا : قال في حم الأحقاف (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين ) فنسختها الآية التي في سورة الفتح (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ) . . . الآية ، فخرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت هذه الآية ، فبشرهم بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال له رجال من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله ، قد علمنا ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله - عز وجل - في سورة
[ ص: 100 ] الأحزاب ، فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ) وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ) . . . الآية ، فبين الله ما يفعل به وبهم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) ثم دري أو علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك ما يفعل به ، يقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) قال : قد بين له أنه قد غفر من ذنبه ما تقدم وما تأخر .
وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله - جل ثناؤه - نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقوله للمشركين من قومه ويعلم أنه لا يدري إلام يصير أمره وأمرهم في الدنيا ، أيصير أمره معهم أن يقتلوه أو يخرجوه من بينهم ، أو يؤمنوا به فيتبعوه ، وأمرهم إلى الهلاك ، كما أهلكت الأمم المكذبة رسلها من قبلهم ، أو إلى التصديق له فيما جاءهم به من عند الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : ثنا
أبو بكر الهذلي ، عن
الحسن في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) فقال : أما في الآخرة فمعاذ الله ، قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ، ولكن قال : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا ، أخرج كما أخرجت الأنبياء قبلي أو أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ، ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم ، أمتي المكذبة ، أم أمتي المصدقة ، أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا ، أم مخسوف بها خسفا ، ثم أوحي إليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) يقول أحطت لك بالعرب
[ ص: 101 ] أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل .
ثم أنزل الله - عز وجل - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ) يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ، ثم قال له في أمته : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فأخبره الله ما يصنع به ، وما يصنع بأمته .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما أدري ما يفترض علي وعليكم ، أو ينزل من حكم ، وليس يعني ما أدري ما يفعل بي ولا بكم غدا في المعاد من ثواب الله من أطاعه ، وعقابه من كذبه .
وقال آخرون : إنما أمر أن يقول هذا في أمر كان ينتظره من قبل الله - عز وجل - في غير الثواب والعقاب .
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة وأشبهها بما دل عليه التنزيل ، القول الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، الذي رواه عنه
أبو بكر الهذلي .
وإنما قلنا ذلك أولاها بالصواب لأن الخطاب من مبتدأ هذه السورة إلى هذه الآية ، والخبر خرج من الله - عز وجل - خطابا للمشركين وخبرا عنهم ، وتوبيخا لهم ، واحتجاجا من الله - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عليهم .
فإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن هذه الآية أيضا سبيلها سبيل ما قبلها وما بعدها في أنها احتجاج عليهم ، وتوبيخ لهم ، أو خبر عنهم . وإذا كان ذلك كذلك ، فمحال أن يقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : قل للمشركين ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة ، وآيات كتاب الله - عز وجل - في تنزيله ووحيه إليه متتابعة بأن المشركين في النار مخلدون ، والمؤمنين به في الجنان منعمون ، وبذلك يرهبهم مرة ، ويرغبهم أخرى ، ولو قال لهم ذلك ، لقالوا له : فعلام نتبعك إذن وأنت لا تدري إلى أي حال تصير غدا في القيامة ، إلى خفض ودعة ، أم إلى شدة وعذاب; وإنما اتباعنا إياك إن اتبعناك ، وتصديقنا بما تدعونا إليه ، رغبة في نعمة وكرامة نصيبها ، أو رهبة من عقوبة وعذاب نهرب منه ، ولكن
[ ص: 102 ] ذلك كما قال
الحسن ، ثم بين الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ما هو فاعل به ، وبمن كذب بما جاء به من قومه وغيرهم .
nindex.php?page=treesubj&link=32028_29017وقوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) يقول - تعالى ذكره - : قل لهم ما أتبع فيما آمركم به ، وفيما أفعله من فعل إلا وحي الله الذي يوحيه إلي ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وما أنا إلا نذير مبين ) يقول : وما أنا لكم إلا نذير ، أنذركم عقاب الله على كفركم به ، مبين : يقول : قد أبان لكم إنذاره ، وأظهر لكم دعاءه إلى ما فيه نصيحتكم ، يقول : فكذلك أنا .
nindex.php?page=treesubj&link=29017_31037الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 9 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ مِنْ
قُرَيْشٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) يَعْنِي : مَا كُنْتُ أَوَّلَ رُسُلِ اللَّهِ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى خَلْقِهِ ، قَدْ كَانَ مِنْ قَبْلِي لَهُ رُسُلٌ كَثِيرَةُ أُرْسِلَتْ إِلَى أُمَمٍ قَبْلَكُمْ; يُقَالُ مِنْهُ : هُوَ بِدْعٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ ، وَبَدِيعٌ فِيهِ ، إِذَا كَانَ فِيهِ أَوَّلَ . وَمِنَ الْبِدْعِ قَوْلُ
عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ .
[ ص: 98 ] فَلَا أَنَا بِدْعٌ مِنْ حَوَادِثَ تَعْتَرِي رَجُلًا عَرَتْ مِنْ بَعْدِ بُؤْسَى وَأَسْعَدَ
وَمِنَ الْبَدِيعِ قَوْلُ
الْأَحْوَصِ :
فَخَرَتْ فَانْتَمَتْ فَقُلْتُ انْظُرِينِي لَيْسَ جَهْلٌ أتَيْتُهُ بِبَدِيعِ
يَعْنِي بِأَوَّلَ ، يُقَالُ : هُوَ بِدْعٌ مِنْ قَوْمٍ أَبْدَاعٍ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) يَقُولُ : لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) قَالَ : يَقُولُ : مَا كُنْتُ أَوَّلَ رَسُولٍ أُرْسِلَ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) قَالَ : مَا كُنْتُ أَوَّلَهُمْ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
أَبِي هُبَيْرَةَ ،
[ ص: 99 ] قَالَ : سَأَلْتُ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) قَالَ : أَيْ قَدْ كَانَتْ قَبْلِي رُسُلٌ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) يَقُولُ : أَيْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَانَتْ قَبْلِي .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ) قَالَ : قَدْ كَانَتْ قَبْلَهُ رُسُلٌ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ لَهُ : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ بِكَ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِلَامَ نَصِيرُ هُنَالِكَ ، قَالُوا ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَالَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، فَقِيلَ لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، عَنِ
الْحُسَيْنِ ، عَنْ
يَزِيدَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَا : قَالَ فِي حم الْأَحْقَافِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) فَنَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْفَتْحِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ) . . . الْآيَةَ ، فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، فَبَشَّرَهُمْ بِأَنَّهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : هَنِيئًا لَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمْنَا مَا يُفْعَلُ بِكَ ، فَمَاذَا يُفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي سُورَةِ
[ ص: 100 ] الْأَحْزَابِ ، فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ) وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ) . . . الْآيَةَ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ مَا يُفْعَلُ بِهِ وَبِهِمْ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) ثُمَّ دُرِيَ أَوْ عُلِمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُفْعَلُ بِهِ ، يَقُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) قَالَ : قَدْ بُيِّنَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ مِنْ ذَنْبِهِ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَقُولَهُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِهِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي إِلَامَ يَصِيرُ أَمْرُهُ وَأَمْرُهُمْ فِي الدُّنْيَا ، أَيَصِيرُ أَمْرُهُ مَعَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِهِمْ ، أَوْ يُؤْمِنُوا بِهِ فَيَتَّبِعُوهُ ، وَأَمْرُهُمْ إِلَى الْهَلَاكِ ، كَمَا أُهْلِكَتِ الْأُمَمُ الْمُكَذِّبَةُ رُسُلَهَا مِنْ قَبْلِهِمْ ، أَوْ إِلَى التَّصْدِيقِ لَهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ : ثَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) فَقَالَ : أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَعَاذَ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ حِينَ أَخَذَ مِيثَاقَهُ فِي الرُّسُلِ ، وَلَكِنْ قَالَ : وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الدُّنْيَا ، أُخْرَجُ كَمَا أُخْرِجَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي أَوْ أُقْتَلُ كَمَا قُتِلَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِي ، وَلَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ، أُمَّتِي الْمُكَذِّبَةُ ، أَمْ أُمَّتِي الْمُصَدِّقَةُ ، أَمْ أُمَّتِي الْمَرْمِيَّةُ بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ قَذْفًا ، أَمْ مَخْسُوفٌ بِهَا خَسْفًا ، ثُمَّ أُوحِيَ إِلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=60وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) يَقُولُ أَحَطْتُ لَكَ بِالْعَرَبِ
[ ص: 101 ] أَنْ لَا يَقْتُلُوكَ ، فَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ .
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) يَقُولُ : أَشْهَدَ لَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُظْهِرُ دِينَكَ عَلَى الْأَدْيَانِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي أُمَّتِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ مَا يُصْنَعُ بِهِ ، وَمَا يُصْنَعُ بِأُمَّتِهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا أَدْرِي مَا يُفْتَرَضُ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ ، أَوْ يَنْزِلُ مِنْ حُكْمٍ ، وَلَيْسَ يَعْنِي مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ غَدًا فِي الْمَعَادِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَعِقَابِهِ مَنْ كَذَّبَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يَقُولَ هَذَا فِي أَمْرٍ كَانَ يَنْتَظِرُهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي غَيْرِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ وَأَشْبَهِهَا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّنْزِيلُ ، الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ
أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْ مُبْتَدَأِ هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ، وَالْخَبَرُ خَرَجَ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - خِطَابًا لِلْمُشْرِكِينَ وَخَبَرًا عَنْهُمْ ، وَتَوْبِيخًا لَهُمْ ، وَاحْتِجَاجًا مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ .
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَيْضًا سَبِيلُهَا سَبِيلُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي أَنَّهَا احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ ، وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ ، أَوْ خَبَرٌ عَنْهُمْ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قُلْ لِلْمُشْرِكِينَ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَآيَاتُ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي تَنْزِيلِهِ وَوَحْيِهِ إِلَيْهِ مُتَتَابِعَةٌ بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ مُخَلَّدُونَ ، وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي الْجِنَانِ مُنَعَّمُونَ ، وَبِذَلِكَ يُرَهِّبُهُمْ مَرَّةً ، وَيُرَغِّبُهُمْ أُخْرَى ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ ، لَقَالُوا لَهُ : فَعَلَامَ نَتَّبِعُكَ إِذَنْ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي إِلَى أَيِّ حَالٍ تَصِيرُ غَدًا فِي الْقِيَامَةِ ، إِلَى خَفْضٍ وَدَعَةٍ ، أَمْ إِلَى شِدَّةٍ وَعَذَابٍ; وَإِنَّمَا اتِّبَاعُنَا إِيَّاكَ إِنِ اتَّبَعْنَاكَ ، وَتَصْدِيقُنَا بِمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ، رَغْبَةٌ فِي نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ نُصِيبُهَا ، أَوْ رَهْبَةٌ مِنْ عُقُوبَةٍ وَعَذَابٍ نَهْرُبُ مِنْهُ ، وَلَكِنْ
[ ص: 102 ] ذَلِكَ كَمَا قَالَ
الْحَسَنُ ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِ ، وَبِمَنْ كَذَّبَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=32028_29017وَقَوْلُهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : قُلْ لَهُمْ مَا أَتَّبِعَ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ ، وَفِيمَا أَفْعَلُهُ مِنْ فِعْلٍ إِلَّا وَحْيَ اللَّهِ الَّذِي يُوحِيهِ إِلَيَّ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=9وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يَقُولُ : وَمَا أَنَا لَكُمْ إِلَّا نَذِيرٌ ، أُنْذِرُكُمْ عِقَابَ اللَّهِ عَلَى كُفْرِكُمْ بِهِ ، مُبِينٌ : يَقُولُ : قَدْ أَبَانَ لَكُمْ إِنْذَارَهُ ، وَأَظْهَرَ لَكُمْ دُعَاءَهُ إِلَى مَا فِيهِ نَصِيحَتُكُمْ ، يَقُولُ : فَكَذَلِكَ أَنَا .