القول في تأويل قوله تعالى : ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين    ( 18 ) ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون   ( 19 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : هؤلاء الذين هذه الصفة صفتهم ، الذين وجب عليهم عذاب الله ، وحلت بهم عقوبته وسخطه ، فيمن حل به عذاب الله على مثل الذي حل بهؤلاء من الأمم الذين مضوا قبلهم من الجن والإنس ، الذين كذبوا رسل الله ، وعتوا عن أمر ربهم . 
وقوله ( إنهم كانوا خاسرين   ) يقول - تعالى ذكره - : إنهم كانوا المغبونين ببيعهم الهدى بالضلال والنعيم بالعقاب . 2 
حدثنا  محمد بن بشار  قال : ثنا  معاذ بن هشام  قال : ثنا أبي ، عن قتادة  ، عن الحسن  قال : الجن لا يموتون ، قال قتادة   : فقلت ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت   ) . . . الآية . 
وقوله ( ولكل درجات مما عملوا   ) يقول - تعالى ذكره - : ولكل هؤلاء الفريقين : فريق الإيمان بالله واليوم الآخر ، والبر بالوالدين ، وفريق الكفر بالله واليوم الآخر ، وعقوق الوالدين اللذين وصف صفتهم ربنا - عز وجل - في هذه الآيات منازل ومراتب عند الله يوم القيامة ، مما عملوا يعني من عملهم الذي عملوه في الدنيا من صالح وحسن وسيئ يجازيهم الله به . 
وقد حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( ولكل درجات مما عملوا   ) قال : درج أهل النار يذهب سفالا ودرج أهل الجنة يذهب علوا ( وليوفيهم أعمالهم   ) يقول - جل ثناؤه - : وليعطى جميعهم  [ ص: 120 ] أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، المحسن منهم بإحسانه ما وعد الله من الكرامة ، والمسيء منهم بإساءته ما أعده من الجزاء ( وهم لا يظلمون   ) يقول : وجميعهم لا يظلمون : لا يجازى المسيء منهم إلا عقوبة على ذنبه ، لا على ما لم يعمل ، ولا يحمل عليه ذنب غيره ، ولا يبخس المحسن منهم ثواب إحسانه . 
				
						
						
