القول في تأويل قوله تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ( 10 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أفلم يسر هؤلاء المكذبون محمدا - صلى الله عليه وسلم - المنكرو ما أنزلنا عليه من الكتاب في الأرض سفرا ، وإنما هذا توبيخ من الله لهم ، لأنهم قد كانوا يسافرون إلى الشام ، فيرون نقمة الله التي أحلها بأهل حجر ثمود ، ويرون في سفرهم إلى اليمن ما أحل الله بسبأ ، فقال لنبيه عليه الصلاة والسلام وللمؤمنين به : أفلم يسر هؤلاء المشركون سفرا في البلاد فينظروا كيف كان عاقبة تكذيب الذين من قبلهم من الأمم المكذبة رسلها الرادة نصائحها ألم نهلكها فندمر عليها منازلها ، ونخربها ، فيتعظوا بذلك ، ويحذروا أن يفعل الله ذلك بهم في تكذيبهم إياه ، فينيبوا إلى طاعة الله في تصديقك ، ثم توعدهم - جل ثناؤه - وأخبرهم إن هم أقاموا على تكذيبهم رسوله ، أنه محل [ ص: 163 ] بهم من العذاب ما أحل بالذين كانوا من قبلهم من الأمم ، فقال : ( وللكافرين أمثالها ) يقول : وللكافرين من قريش المكذبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العذاب العاجل ، أمثال عاقبة تكذيب الأمم الذين كانوا من قبلهم رسلهم على تكذيبهم رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( وللكافرين أمثالها ) قال : مثل ما دمرت به القرون الأولى وعيد من الله لهم .