القول في تأويل قوله تعالى : ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ( 5 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، لتشكر ربك ، وتحمده على ذلك ، فيغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، وليحمد ربهم المؤمنون بالله ، ويشكروه على إنعامه عليهم بما أنعم به عليهم من الفتح الذي فتحه ، وقضاه بينهم وبين أعدائهم من المشركين ، بإظهاره إياهم عليهم ، فيدخلهم بذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ، ماكثين فيها إلى غير نهاية وليكفر عنهم سيئ أعمالهم بالحسنات التي يعملونها شكرا منهم لربهم على ما قضى لهم ، وأنعم عليهم به ( وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) يقول - تعالى ذكره - : وكان ما وعدهم الله به من هذه العدة ، وذلك إدخالهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وتكفيره سيئاتهم بحسنات أعمالهم التي يعملونها عند الله لهم ( فوزا عظيما ) يقول : ظفرا منهم بما كانوا تأملوه ويسعون له ، ونجاة مما كانوا يحذرونه من عذاب الله عظيما . قد تقدم ذكر الرواية أن هذه الآية نزلت لما قال المؤمنون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو تلا عليهم قول الله - عز وجل - ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) هذا لك يا رسول الله ، فماذا لنا ؟ تبيينا من الله لهم ما هو فاعل بهم .
حدثنا علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن [ ص: 205 ] ابن عباس في قوله ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ) . . . إلى قوله ( ويكفر عنهم سيئاتهم ) فأعلم الله سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام .
قوله ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات ) على اللام من قوله ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ) بتأويل تكرير الكلام ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ) ، إنا فتحنا لك ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ، ولذلك لم تدخل الواو التي تدخل في الكلام للعطف ، فلم يقل : وليدخل المؤمنين .