القول في تأويل قوله تعالى : ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين    ( 17 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - : يمن عليك هؤلاء  [ ص: 320 ] الأعراب يا محمد  أن أسلموا ( قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان   ) يقول : بل الله يمن عليكم أيها القوم أن وفقكم للإيمان به وبرسوله ( إن كنتم صادقين   ) يقول : إن كنتم صادقين في قولكم " آمنا " ، فإن الله هو الذي من عليكم بأن هداكم له ، فلا تمنوا علي بإسلامكم . 
وذكر أن هؤلاء الأعراب من بني أسد ،  امتنوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : آمنا من غير قتال ، ولم نقاتلك كما قاتلك غيرنا ، فأنزل الله فيهم هذه الآيات . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن أبي بشر  ، عن سعيد بن جبير  في هذه الآية ( يمنون عليك أن أسلموا   ) أهم بنو أسد؟  قال : قد قيل ذلك . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا سهل بن يوسف  قال : ثنا شعبة  ، عن أبي بشر  قال : قلت  لسعيد بن جبير   ( يمنون عليك أن أسلموا   ) أهم بنو أسد؟  قال : يزعمون ذاك . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن حبيب بن أبي عمرة  قال : كان بشر بن غالب  ولبيد بن عطارد  ، أو بشر بن عطارد  ، ولبيد بن غالب  عند الحجاج  جالسين ، فقال بشر بن غالب  للبيد بن عطارد   : نزلت في قومك بني تميم   ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات   ) فذكرت ذلك  لسعيد بن جبير  ، فقال : إنه لو علم بآخر الآية أجابه ( يمنون عليك أن أسلموا   ) قالوا أسلمنا ولم نقاتلك؛ بنو أسد   . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( لا تمنوا ) أنا أسلمنا بغير قتال لم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان ، فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) لهم ( لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم   ) . 
 [ ص: 321 ] حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم   ) قال : فهذه الآيات نزلت في الأعراب . 
				
						
						
