القول في كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ( 17 ) تأويل قوله تعالى : ( وبالأسحار هم يستغفرون ( 18 ) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ( 19 ) )
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال بعضهم : معناه كانوا قليلا من الليل لا يهجعون ، وقالوا : " ما " بمعنى الجحد . [ ص: 407 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا ثنا يحيى بن سعيد ، عن وابن أبي عدي ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن أنس بن مالك ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : يتيقظون يصلون ما بين هاتين الصلاتين ، ما بين المغرب والعشاء .
حدثني زريق بن الشحب قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، بنحوه .
حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : ثنا أبو داود قال : ثنا بكير بن أبي السمط ، عن قتادة ، عن محمد بن علي في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة .
قالا : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مطرف في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قل ليلة أتت عليهم إلا صلوا فيها .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قال مطرف بن عبد الله في قوله : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله . إما من أولها ، وإما من وسطها .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان قال : ثنا ، عن ابن أبي ليلى المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا .
قال : ثنا ابن يمان ، عن ، عن أبي جعفر الرازي الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كانوا يصيبون فيها حظا .
حدثني علي بن سعيد الكندي قال : ثنا حفص بن عاصم ، عن أبي العالية في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : لا ينامون بين [ ص: 408 ] المغرب والعشاء .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ومهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا يصيبون من الليل حظا .
حدثني يعقوب قال : ثنا ، عن ابن علية ، عن سعيد بن أبي عروبة مطرف في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قل ليلة أتت عليهم هجعوها كلها .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كان لهم قليل من الليل ما يهجعون ، كانوا يصلونه .
حدثني يعقوب قال : ثنا قال : سمعت ابن علية ابن أبي نجيح ، يقول في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا قليلا ما ينامون ليلة حتى الصباح .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كانوا قليلا من الليل يهجعون ، ووجهوا " ما " - التي في قوله ( ما يهجعون ) إلى أنها صلة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن قتادة في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قال الحسن : كابدوا قيام الليل .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان [ ص: 409 ] الحسن يقول : لا ينامون منه إلا قليلا .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن علية الحسن في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : لا ينامون من الليل إلا أقله .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الوهاب قال : ثنا عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قل ليلة أتت عليهم هجوعا .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قال في قوله ( الأحنف بن قيس كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا لا ينامون إلا قليلا .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو داود قال : ثنا الحكم بن عطية ، عن قتادة قال : قال ، وقرأ هذه الآية ( الأحنف بن قيس كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : لست من أهل هذه الآية .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قيام الليل .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن يونس ، عن الحسن قال : نشطوا فمدوا إلى السحر .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن قال : مدوا في الصلاة ونشطوا ، حتى كان الاستغفار بسحر .
قال : ثنا مهران ، عن ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن الحسن قال : كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كان الحسن يقولان : كانوا كثيرا [ ص: 410 ] من الليل ما يصلون . وقد يجوز أن تكون " ما " على هذا التأويل في موضع رفع ، ويكون تأويل الكلام : كانوا قليلا من الليل هجوعهم; وأما من جعل " ما " صلة ، فإنه لا موضع لها; ويكون تأويل الكلام على مذهبه كانوا يهجعون قليل الليل ، وإذا كانت " ما " صلة كان القليل منصوبا ب" يهجعون " . والزهري
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : ما ينامون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كانوا يصلون العتمة ، وعلى هذا التأويل ( ما ) في معنى الجحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن قتادة في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : قال رجل من أهل مكة : سماه قتادة ، قال : صلاة العتمة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كان هؤلاء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلا من الناس ، وقالوا الكلام بعد قوله ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) كانوا قليلا مستأنف بقوله ( من الليل ما يهجعون ) فالواجب أن تكون " ما " على هذا التأويل بمعنى الجحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن واضح عبيد ، عن الضحاك في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) يقول : إن المحسنين كانوا قليلا ثم ابتدئ فقيل ( من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) كما قال ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون ) ثم قال : ( والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ) .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن الزبير ، [ ص: 411 ] عن الضحاك بن مزاحم ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا من الناس قليلا .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن ، عن الزبير بن عدي الضحاك بن مزاحم في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا قليلا من الناس من يفعل ذلك .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ، عن الزبير بن عدي الضحاك بن مزاحم ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا قليلا من الناس إذ ذاك .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال الله ( إن المتقين في جنات وعيون ) . . . إلى ( محسنين ) كانوا قليلا يقول : المحسنون كانوا قليلا ، هذه مفصولة ، ثم استأنف فقال ( من الليل ما يهجعون ) .
وأما قوله ( يهجعون ) فإنه يعني : ينامون ، والهجوع : النوم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) يقول : ينامون .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : ينامون .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : ثنا عبيد قال : سمعت [ ص: 412 ] الضحاك يقول في قوله ( من الليل ما يهجعون ) الهجوع : النوم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قال : كانوا قليلا ما ينامون من الليل ، قال : ذاك الهجع . قال : والعرب تقول : إذا سافرت اهجع بنا قليلا . قال : وقال رجل من بني تميم لأبي : يا أبا أسامة صفة لا أجدها فينا ، ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم ; قال : فقال أبي طوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ .
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) قول من قال : كانوا قليلا من الليل هجوعهم ، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم ، وأثنى عليهم به ، فوصفهم بكثرة العمل ، وسهر الليل ، ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل ، وكثرة النوم ، مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل .
وقوله ( وبالأسحار هم يستغفرون ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : وبالأسحار يصلون .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون ) يقول : يقومون فيصلون ، يقول : كانوا يقومون وينامون ، كما قال الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه ) فهذا نوم ، وهذا قيام ( وطائفة من الذين معك ) كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين : يقول : ينامون ويقومون .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ، عن جبلة بن سحيم ابن عمر قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون ) قال : يصلون . [ ص: 413 ]
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وبالأسحار هم يستغفرون ) قال : يصلون .
وقال آخرون : بل عنى بذلك أنهم أخروا الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن قال : مدوا في الصلاة ونشطوا ، حتى كان الاستغفار بسحر .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون ) قال : هم المؤمنون ، قال : وبلغنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يعقوب حين سألوه أن يستغفر لهم ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا - قال سوف أستغفر لكم ربي ) قال : قال بعض أهل العلم : إنه أخر الاستغفار إلى السحر . قال : وذكر بعض أهل العلم أن الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة : السحر .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول : السحر : هو السدس الأخير من الليل .
وقوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) يقول - تعالى ذكره - : وفي أموال هؤلاء المحسنين الذين وصف صفتهم حق لسائلهم المحتاج إلى ما في أيديهم والمحروم .
وبنحو الذي قلنا في معنى السائل ، قال أهل التأويل ، وهم في معنى المحروم مختلفون ، فمن قائل : هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن [ ص: 414 ] قيس بن كركم ، عن ابن عباس سألته عن السائل والمحروم ، قال : السائل : الذي يسأل الناس ، والمحروم : الذي ليس له في الإسلام سهم وهو محارف .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) قال : المحروم : المحارف .
حدثنا سهل بن موسى الرازي قال : ثنا ، عن وكيع إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس قال : السائل : السائل . والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثنا سهل بن موسى قال : ثنا ، عن وكيع سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس قال : المحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثنا حميد بن مسعدة قال : ثنا قال : ثنا يزيد بن زريع شعبة عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس في هذه الآية ( للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المحارف .
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة قال : سمعت أبا إسحاق يحدث عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس ، بنحوه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول : الله تبارك وتعالى : المحروم ، قال : المحارف .
وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( والمحروم ) : هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب ، قضى الله له ذلك . [ ص: 415 ]
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم قال : سألت ابن عباس عن قوله ( للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثني محمد بن عمرو المقدمي قال : ثنا قريش بن أنس ، عن سليمان ، عن قتادة ، عن : المحروم : المحارف . سعيد بن المسيب
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم قال في المحروم : هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه ، أو يعطيه شيئا .
حدثني قال : ثني ابن المثنى قال : ثنا وهب بن جرير شعبة ، عن عاصم ، عن أبي قلابة قال : جاء سيل باليمامة ، فذهب بمال رجل ، فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا المحروم .
حدثني يعقوب قال : ثنا قال : أخبرنا ابن علية أيوب ، عن نافع قال : المحروم : المحارف .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : ثني ، عن مسلم بن خالد ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : المحروم : المحارف .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا حجاج ، عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : المحروم : هو المحارف .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا هشيم ، عن أبي بشر قال : سألت سعيد بن جبير عن المحروم ، فلم يقل فيه شيئا ، فقال عطاء : هو المحدود المحارف .
ومن قائل : هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا . [ ص: 416 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني نافع بن يزيد ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير بن الأشج ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سئل عن المحروم فقال : المحارف .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) هذان فقيرا أهل الإسلام ، سائل يسأل في كفه ، وفقير متعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ( للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المتعفف الذي لا يسأل .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور قال : قال معمر ، وحدثني الزهري ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ، قالوا : فمن المسكين يا رسول الله؟ قال : الذي لا يجد غنى ، ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه فذلك المحروم
حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله ( للسائل والمحروم ) قال : السائل الذي يسأل بكفه ، والمحروم : المتعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم .
وقائل : هو الذي لا سهم له في الغنيمة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن ، عن قيس بن مسلم الحسن بن محمد ، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) .
[ ص: 417 ] حدثنا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية ، فغنموا ، فجاء قوم يشهدون الغنيمة ، فنزلت هذه الآية : ( أبو كريب قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم الجدلي ، عن الحسن بن محمد قال : للسائل والمحروم ) . بعثت سرية فغنموا ، ثم جاء قوم من بعدهم ، قال : فنزلت (
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم أن أناسا قدموا على علي رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل ، فقال : اقسموا لهم ، قال : هذا المحروم .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن ، عن قيس بن مسلم الحسن بن محمد وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) . أن قوما في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابوا غنيمة ، فجاء قوم بعد ، فنزلت (
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام قال : ثنا عمرو ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : المحروم : الذي لا فيء له في الإسلام ، وهو محارف من الناس .
قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم قوله ( للسائل والمحروم ) قال : المحروم : الذي لا يجري عليه شيء من الفيء ، وهو محارف من الناس .
وقائل : هو الذي لا ينمى له مال .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب قال : ثنا ابن إدريس ، عن حصين قال : سألت عكرمة ، عن السائل والمحروم ؟ قال : السائل : الذي يسألك ، والمحروم : الذي لا ينمى له مال .
وقائل : هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) قال : المحروم : المصاب ثمره وزرعه ، [ ص: 418 ] وقرأ ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه ) . . حتى بلغ ( بل نحن محرومون ) وقال أصحاب الجنة : ( إنا لضالون بل نحن محرومون ) .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني قال : قال عبد الله بن عياش في قول الله ( زيد بن أسلم وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) قال : ليس ذلك بالزكاة ، ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة ، والمحروم : الذي يصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته ، فيكون له حق على من لم يصبه ذلك من المسلمين ، كما قال لأصحاب الجنة حين أهلك جنتهم قالوا ( بل نحن محرومون ) وقال أيضا : ( لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) .
وكان الشعبي يقول في ذلك ما حدثني يعقوب قال : ثنا ، عن ابن علية ابن عون قال : قال الشعبي : أعياني أن أعلم ما المحروم .
والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حرم الرزق واحتاج ، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره ، فصار ممن حرمه الله ذلك ، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة ، ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة ، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعم ، كما قال جل ثناؤه ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) .