القول في تأويل قوله تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط  وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز   ( 25 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : لقد أرسلنا رسلنا بالمفصلات من البيان والدلائل ، وأنزلنا معهم الكتاب بالأحكام والشرائع والميزان بالعدل . 
كما حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( الكتاب والميزان   ) قال : الميزان : العدل . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان   ) بالحق قال : الميزان : ما يعمل الناس ، ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون ، يأخذون بميزان ، ويعطون بميزان . يعرف ما يأخذ وما يعطي . قال : والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون ، فالكتاب للآخرة ، والميزان للدنيا .  [ ص: 201 ] 
وقوله : ( ليقوم الناس بالقسط   ) يقول - تعالى ذكره - : ليعمل الناس بينهم بالعدل . 
وقوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد   ) يقول - تعالى ذكره - : وأنزلنا لهم الحديد فيه بأس شديد ، يقول : فيه قوة شديدة ، ومنافع للناس ، وذلك ما ينتفعون به منه عند لقائهم العدو ، وغير ذلك من منافعه . 
وقد حدثنا ابن حميد  قال : ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا الحسين  ، عن علباء بن أحمر  ، عن عكرمة  عن ابن عباس  قال : ثلاثة أشياء نزلت مع آدم   - صلوات الله عليه - : السندان والكلبتان ، والميقعة ، والمطرقة . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد   ) قال : البأس الشديد : السيوف والسلاح الذي يقاتل الناس بها ، ( ومنافع للناس   ) بعد ، يحفرون بها الأرض والجبال وغير ذلك . 
حدثنا محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبى نجيح  ، عن مجاهد  قوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس   ) وجنة وسلاح ، وأنزله ليعلم الله من ينصره . 
وقوله : ( وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب   ) يقول - تعالى ذكره - : أرسلنا رسلنا إلى خلقنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليعدلوا بينهم ، وليعلم حزب الله من ينصر دين الله ورسله بالغيب منه عنهم . 
وقوله : ( إن الله قوي عزيز   ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله قوي على الانتصار ممن بارزه بالمعاداة ، وخالف أمره ونهيه ، عزيز في انتقامه منهم ، لا يقدر أحد على الانتصار منه مما أحل به من العقوبة . 
				
						
						
