القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=29030_32427_31931قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ( 14 ) )
يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لأنتم أيها المؤمنون أشد رهبة في صدور
اليهود من
بني النضير من الله ، يقول : هم يرهبونهم أشد من رهبتهم من الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ) يقول - تعالى ذكره - : هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء
اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون قدر عظمة الله ، فهم لذلك يستخفون بمعاصيه ، ولا يرهبون عقابه قدر رهبتهم منكم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة ) يقول - جل ثناؤه - : لا يقاتلكم هؤلاء
اليهود من
بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون ، لا يبرزون لكم بالبراز ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14أو من وراء جدر ) يقول : أو من خلف حيطان .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة
قراء الكوفة والمدينة (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14أو من وراء جدار ) على الجماع بمعنى الحيطان . وقرأه بعض
قراء مكة والبصرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14من وراء جدر ) على التوحيد بمعنى الحائط .
[ ص: 292 ]
والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14بأسهم بينهم شديد ) يقول - جل ثناؤه - : عداوة بعض هؤلاء الكفار من
اليهود بعضا شديدة (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تحسبهم جميعا ) يعني المنافقين وأهل الكتاب ، يقول : تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14وقلوبهم شتى ) يقول : وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) يقول - جل ثناؤه - : هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلاء
اليهود والمنافقين - وذلك تشتيت أهوائهم ، ومعاداة بعضهم بعضا - من أجل أنهم قوم لا يعقلون ما فيه الحظ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) قال : تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم ، مختلفة أعمالهم ، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) قال : المنافقون يخالف دينهم دين
النضير .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن ليث ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) قال : هم المنافقون وأهل الكتاب .
[ ص: 293 ]
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، مثل ذلك .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
خصيف ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) قال : المشركون وأهل الكتاب .
وذكر أنها في قراءة
عبد الله " وقلوبهم أشت " بمعنى : أشد تشتتا : أي أشد اختلافا .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=29030_32427_31931قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ( 14 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِ
الْيَهُودِ مِنْ
بَنِي النَّضِيرِ مِنَ اللَّهِ ، يَقُولُ : هُمْ يَرْهَبُونَهُمْ أَشَدَّ مِنْ رَهْبَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : هَذِهِ الرَّهْبَةُ الَّتِي لَكَمَ فِي صُدُورِ هَؤُلَاءِ
الْيَهُودِ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ مِنْ رَهْبَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ قَدْرَ عَظَمَةِ اللَّهِ ، فَهُمْ لِذَلِكَ يَسْتَخِفُّونَ بِمَعَاصِيهِ ، وَلَا يَرْهَبُونَ عِقَابَهُ قَدْرَ رَهْبَتِهِمْ مِنْكُمْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : لَا يُقَاتِلُكُمْ هَؤُلَاءِ
الْيَهُودُ مِنْ
بَنِي النَّضِيرِ مُجْتَمِعِينَ إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ بِالْحُصُونِ ، لَا يَبْرُزُونَ لَكُمْ بِالْبَرَازِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ) يَقُولُ : أَوْ مِنْ خَلْفِ حِيطَانٍ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ
قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْمَدِينَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14أَوْ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ ) عَلَى الْجِمَاعِ بِمَعْنَى الْحِيطَانِ . وَقَرَأَهُ بَعْضُ
قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ) عَلَى التَّوْحِيدِ بِمَعْنَى الْحَائِطِ .
[ ص: 292 ]
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : عَدَاوَةُ بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مِنَ
الْيَهُودِ بَعْضًا شَدِيدَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا ) يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ ، يَقُولُ : تَظُنُّهُمْ مُؤْتَلِفِينَ مُجْتَمِعَةً كَلِمَتُهُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) يَقُولُ : وَقُلُوبُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لِمُعَادَاةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : هَذَا الَّذِي وَصَفْتُ لَكُمْ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ
الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ - وَذَلِكَ تَشْتِيتُ أَهْوَائِهِمْ ، وَمُعَادَاةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لَهُمْ مِمَّا فِيهِ عَلَيْهِمُ الْبَخْسُ وَالنَّقْصُ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) قَالَ : تَجِدُ أَهْلَ الْبَاطِلِ مُخْتَلِفَةً شَهَادَتُهُمْ ، مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُهُمْ ، مُخْتَلِفَةً أَعْمَالُهُمْ ، وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي عَدَاوَةِ أَهْلِ الْحَقِّ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قَالَ : الْمُنَافِقُونَ يُخَالِفُ دِينُهُمْ دِينَ
النَّضِيرِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
مِهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قَالَ : هُمُ الْمُنَافِقُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ .
[ ص: 293 ]
قَالَ : ثَنَا
مِهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، مِثْلَ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
مِهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
خُصَيْفٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قَالَ : الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ .
وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ " وَقُلُوبُهُمْ أَشَتُّ " بِمَعْنَى : أَشَدُّ تَشَتُّتًا : أَيْ أَشَدُّ اخْتِلَافًا .