القول في تأويل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون ( 2 ) قوله تعالى : ( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير ( 3 ) ) [ ص: 316 ]
يقول تعالى ذكره : إن يثقفكم هؤلاء الذين تسرون أيها المؤمنون إليهم بالمودة ، يكونوا لكم حربا وأعداء ( ويبسطوا إليكم أيديهم ) بالقتال ( وألسنتهم بالسوء ) .
وقوله : ( وودوا لو تكفرون ) يقول : وتمنوا لكم أن تكفروا بربكم ، فتكونوا على مثل الذي هم عليه .
قوله : ( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة ) يقول تعالى ذكره : لا يدعونكم أرحامكم وقراباتكم وأولادكم إلى الكفر بالله ، واتخاذ أعدائه أولياء تلقون إليهم بالمودة ، فإنه لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم عند الله يوم القيامة ، فتدفع عنكم عذاب الله يومئذ ، إن أنتم عصيتموه في الدنيا ، وكفرتم به .
وقوله : ( يفصل بينكم ) يقول جل ثناؤه : يفصل ربكم أيها المؤمنون بينكم يوم القيامة بأن يدخل أهل طاعته الجنة ، وأهل معاصيه والكفر به النار .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة ومكة والبصرة : ( يفصل بينكم ) بضم الياء وتخفيف الصاد وفتحها ، على ما لم يسم فاعله .
وقرأه عامة قراء الكوفة خلا عاصم بضم الياء وتشديد الصاد وكسرها بمعنى : يفصل الله بينكم أيها القوم . وقرأه عاصم بفتح الياء وتخفيف الصاد وكسرها ، بمعنى يفصل الله بينكم . وقرأ بعض قراء الشام ( يفصل ) بضم الياء وفتح الصاد وتشديدها على وجه ما لم يسم فاعله .
وهذه القراءات متقاربات المعاني صحيحات في الإعراب ، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : ( والله بما تعملون بصير ) يقول جل ثناؤه : والله بأعمالكم أيها الناس ذو علم وبصر ، لا يخفى عليه منها شيء ، هو بجميعها محيط ، وهو مجازيكم بها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فاتقوا الله في أنفسكم واحذروه .