القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم    ( 10 ) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون   ( 11 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ( ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله   )  [ ص: 362 ] موجع ، وذلك عذاب جهنم; ثم بين لنا جل ثناؤه ما تلك التجارة التي تنجينا من العذاب الأليم ، فقال : ( تؤمنون بالله ورسوله   ) محمد  صلى الله عليه وسلم . 
فإن قال قائل : وكيف قيل : ( تؤمنون بالله ورسوله ) ، وقد قيل لهم : ( يا أيها الذين آمنوا ) بوصفهم بالإيمان؟ فإن الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله   ) وقد مضى البيان عن ذلك في موضعه بما أغنى عن إعادته . 
وقوله : ( وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم   ) يقول تعالى ذكره : وتجاهدون في دين الله وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم ( ذلكم خير لكم ) يقول : إيمانكم بالله ورسوله ، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ( خير لكم ) من تضييع ذلك والتفريط ( إن كنتم تعلمون ) مضار الأشياء ومنافعها . وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله ( آمنوا بالله ) على وجه الأمر ، وبينت التجارة من قوله : ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم   ) وفسرت بقوله : ( تؤمنون بالله ) ولم يقل : أن تؤمنوا ، لأن العرب إذا فسرت الاسم بفعل تثبت في تفسيره "أن" أحيانا ، وتطرحها أحيانا ، فتقول للرجل : هل لك في خير تقوم بنا إلى فلان فنعوده؟ هل لك في خير أن تقوم إلى فلان فنعوده؟ ب "أن" وبطرحها . ومما جاء في الوجهين على الوجهين جميعا قوله : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا   ) وإنا; فالفتح في "أن" لغة من أدخل في يقوم "أن" من قولهم : هل لك في خير أن تقوم ، والكسر فيها لغة من يلقي "أن" من : تقوم; ومنه قوله : ( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم   ) وإنا دمرناهم ، على ما بينا . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم   ) . . الآية ، فلولا أن الله بينها ، ودل عليها المؤمنين ، لتلهف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها ، حتى يضنوا  [ ص: 363 ] بها وقد دلكم الله عليها ، وأعلمكم إياها فقال : ( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون   ) . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  قال : تلا قتادة   : ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله   ) قال : الحمد لله الذي بينها . 
				
						
						
