[ ص: 271 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "إن في خلق السماوات والأرض " إن في إنشاء السماوات والأرض وابتداعهما .
: ابتداعه وإيجاده إياها ، بعد أن لم تكن موجودة . ومعنى "خلق " الله الأشياء
وقد دللنا فيما مضى على المعنى الذي من أجله قيل : "الأرض " ، ولم تجمع كما جمعت السماوات ، فأغنى ذلك عن إعادته
فإن قال لنا قائل : وهل للسموات والأرض خلق هو غيرها فيقال : "إن في خلق السماوات والأرض " ؟
قيل : قد اختلف في ذلك . فقال بعض الناس : لها خلق هو غيرها . واعتلوا في ذلك بهذه الآية ، وبالتي في سورة : الكهف : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ) [ سورة الكهف : 51 ] وقالوا : لم يخلق الله شيئا إلا والله له مريد . قالوا : فالأشياء كانت بإرادة الله ، والإرادة خلق لها . [ ص: 272 ]
وقال آخرون : خلق الشيء صفة له ، لا هي هو ، ولا غيره . قالوا : لو كان غيره لوجب أن يكون مثله موصوفا . قالوا : ولو جاز أن يكون خلقه غيره ، وأن يكون موصوفا ، لوجب أن تكون له صفة هي له خلق . ولو وجب ذلك كذلك ، لم يكن لذلك نهاية . قالوا : فكان معلوما بذلك أنه صفة للشيء . قالوا : فخلق السماوات والأرض صفة لهما ، على ما وصفنا . واعتلوا أيضا - بأن للشيء خلقا ليس هو به - من كتاب الله بنحو الذي اعتل به الأولون .
وقال آخرون : خلق السماوات والأرض ، وخلق كل مخلوق ، هو ذلك الشيء بعينه لا غيره .
فمعنى قوله : "إن في خلق السماوات والأرض " : إن في السماوات والأرض .