القول في تأويل قوله تعالى : ( إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ( 11 ) )
يقول تعالى ذكره : وضرب الله مثلا للذين صدقوا الله ووحدوه ، امرأة فرعون التي آمنت بالله ووحدته ، وصدقت رسوله موسى ، وهي تحت عدو من أعداء الله كافر ، فلم يضرها كفر زوجها ، إذ كانت مؤمنة بالله ، وكان من قضاء الله في خلقه أن لا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن لكل نفس ما كسبت ، إذ قالت : ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ) ، فاستجاب الله لها فبنى لها بيتا في الجنة . [ ص: 500 ]
كما حدثني إسماعيل بن حفص الأبلي قال : ثنا محمد بن جعفر ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس ، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها ، وكانت ترى بيتها في الجنة .
حدثنا محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا أسباط بن محمد ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، قال : قال سلمان : كانت امرأة فرعون ، فذكر نحوه .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا عن ابن علية ، قال : ثنا هشام الدستوائي ، القاسم بن أبي بزة ، قال : كانت امرأة فرعون تسأل : من غلب؟ فيقال : غلب موسى وهارون . فتقول : آمنت برب موسى وهارون; فأرسل إليها فرعون ، فقال : انظروا أعظم صخرة تجدونها ، فإن مضت على قولها فألقوها عليها ، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته; فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء ، فأبصرت بيتها في السماء ، فمضت على قولها ، فانتزع الله روحها ، وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ) وكان أعتى أهل الأرض على الله ، وأبعده من الله ، فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ، لتعلموا أن الله حكم عدل ، لا يؤاخذ عبده إلا بذنبه .
وقوله : ( ونجني من فرعون وعمله ) وتقول : وأنقذني من عذاب فرعون ، ومن أن أعمل عمله ، وذلك كفره بالله .
وقوله : ( ونجني من القوم الظالمين ) تقول : وأخلصني وأنقذني من عمل القوم الكافرين بك ، ومن عذابهم .