القول في ألم يك نطفة من مني يمنى ( 37 ) تأويل قوله تعالى : ( ثم كان علقة فخلق فسوى ( 38 ) فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ( 39 ) أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ( 40 ) ) .
يقول تعالى ذكره : ألم يك هذا المنكر قدرة الله على إحيائه من بعد مماته ، وإيجاده من بعد فنائه ( نطفة ) يعني : ماء قليلا في صلب الرجل من مني .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( يمنى ) فقرأه عامة قراء المدينة والكوفة : ( تمنى ) بالتاء بمعنى : تمني النطفة ، وقرأ ذلك بعض قراء مكة والبصرة : ( يمنى ) بالياء ، بمعنى : يمنى المني .
والصواب من القول أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : ( ثم كان علقة ) يقول تعالى ذكره : ثم كان دما من بعد ما كان نطفة ، ثم علقة ، ثم سواه بشرا سويا ، ناطقا سميعا بصيرا ( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) يقول تعالى ذكره : فجعل من هذا الإنسان بعدما سواه خلقا سويا أولادا له ، ذكورا وإناثا ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) يقول تعالى ذكره : أليس الذي فعل ذلك فخلق هذا الإنسان من نطفة ، ثم علقة حتى صيره إنسانا سويا ، له أولاد ذكور وإناث ، بقادر على أن يحيي الموتى من مماتهم ، فيوجدهم كما كانوا من قبل مماتهم . [ ص: 84 ] يقول : معلوم أن الذي قدر على خلق الإنسان من نطفة من مني يمنى ، حتى صيره بشرا سويا ، لا يعجزه إحياء ميت من بعد مماته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ذلك قال : بلى .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، قتادة ، قوله : ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : سبحانك وبلى . عن
آخر تفسير سورة القيامة .
[ ص: 85 ]