[ ص: 542 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية    ( 6 ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية   ( 7 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : إن الذين كفروا بالله ورسوله محمد  صلى الله عليه وسلم ، فجحدوا نبوته ، من اليهود  والنصارى  والمشركين جميعهم ( في نار جهنم خالدين فيها   ) يقول : ماكثين لابثين فيها ( أبدا ) لا يخرجون منها ، ولا يموتون فيها ( أولئك هم شر البرية   ) يقول جل ثناؤه : هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب  والمشركين ، هم شر من برأه الله وخلقه ، والعرب لا تهمز البرية ، وبترك الهمز فيها قرأتها قراء الأمصار ، غير شيء يذكر عن نافع بن أبي نعيم  ، فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها ، وذهب بها إلى قول الله : ( من قبل أن نبرأها   ) [ الحديد : 22 ] وأنها فعيلة من ذلك . وأما الذين لم يهمزوها ، فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين : أحدهما أن يكونوا تركوا الهمز فيها كما تركوه من الملك ، وهو مفعل من ألك أو لأك ، ومن يرى ، وترى ، ونرى ، وهو يفعل من رأيت . والآخر : أن يكونوا وجهوها إلى أنها فعيلة من البرى وهو التراب . حكي عن العرب سماعا : بفيك البرى ، يعني به : التراب . 
وقوله : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية   ) 
يقول تعالى ذكره : إن الذين آمنوا بالله ورسوله محمد  ، وعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأطاعوا الله فيما أمر ونهى ( أولئك هم خير البرية   ) يقول : من فعل ذلك من الناس فهم خير البرية . وقد : حدثنا ابن حميد  ، قال : ثنا عيسى بن فرقد  ، عن أبي الجارود  ، عن محمد بن علي   ( أولئك هم خير البرية   ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنت يا علي  وشيعتك  " . 
				
						
						
