[ ص: 544 ]  [ ص: 545 ]  [ ص: 546 ]  [ ص: 547 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله تعالى ( إذا زلزلت الأرض زلزالها    ( 1 ) وأخرجت الأرض أثقالها   ( 2 ) وقال الإنسان ما لها   ( 3 ) يومئذ تحدث أخبارها   ( 4 ) بأن ربك أوحى لها   ( 5 ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم   ( 6 ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره   ( 7 ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ( 8 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : ( إذا زلزلت الأرض   ) لقيام الساعة ( زلزالها ) فرجت رجا ; والزلزال : مصدر إذا كسرت الزاي ، وإذا فتحت كان اسما ; وأضيف الزلزال إلى الأرض وهو صفتها ، كما يقال : لأكرمنك كرامتك ، بمعنى : لأكرمنك كرامة . وحسن ذلك في زلزالها ، لموافقتها رءوس الآيات التي بعدها . 
حدثنا أبو كريب  ، قال : ثنا ابن يمان  ، عن أشعث  ، عن جعفر  ، عن سعيد  ، قال : ( زلزلت الأرض   ) على عهد عبد الله  ، فقال لها عبد الله   : ما لك ، أما إنها لو تكلمت قامت الساعة  . 
وقوله : ( وأخرجت الأرض أثقالها   ) يقول : وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء ، والميت في بطن الأرض ثقل لها ، وهو فوق ظهرها حيا ثقل عليها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سنان القزاز  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، عن شبيب  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   ( وأخرجت الأرض أثقالها   ) قال : الموتى  .  [ ص: 548 ] 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  ، ( وأخرجت الأرض أثقالها   ) قال : يعني الموتى  . 
حدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن  ، قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبى نجيح  ، عن مجاهد   ( وأخرجت الأرض أثقالها   ) من في القبور  . 
وقوله : ( وقال الإنسان ما لها   ) يقول تعالى ذكره : وقال الناس إذا زلزلت الأرض لقيام الساعة : ما للأرض وما قصتها ( يومئذ تحدث أخبارها   ) . 
كان ابن عباس  يقول في ذلك ما حدثني ابن سنان القزاز  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، عن شبيب  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  ، ( وقال الإنسان ما لها   ) قال الكافر : ( يومئذ تحدث أخبارها   ) 
يقول : يومئذ تحدث الأرض أخبارها ، وتحديثها أخبارها ، على القول الذي ذكرناه عن  عبد الله بن مسعود  ، أن تتكلم فتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحى إلي به ، وأذن لي فيه . 
وأما سعيد بن جبير  ، فإنه كان يقول في ذلك ما حدثنا به أبو كريب  ، قال : ثنا  وكيع  ، عن إسماعيل بن عبد الملك  ، قال : سمعت سعيد بن جبير  يقرأ في المغرب مرة : ( يومئذ تنبئ أخبارها ) ومرة : ( تحدث أخبارها   )  . 
فكأن معنى تحدث كان عند سعيد   : تنبئ ، وتنبيئها أخبارها : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها . وهذا القول قول عندي صحيح المعنى ، وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة ، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها ، بوحي الله إليها ، وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : ( بأن ربك أوحى لها   ) . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن   . قال : ثنا ورقاء  ، جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  ، في قول الله : ( وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها   ) قال : أمرها ، فألقت ما فيها وتخلت  . 
حدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن  ، قال : ثنا ورقاء  ، جميعا عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   ( بأن ربك أوحى لها   ) قال : أمرها  . 
وقد ذكر عن عبد الله  أنه كان يقرأ ذلك : ( يومئذ تنبئ أخبارها ) وقيل : معنى  [ ص: 549 ] ذلك أن الأرض تحدث أخبارها من كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي ، وما عملوا عليها من خير أو شر .
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  ، قال : ثنا مهران  ، عن سفيان   ( يومئذ تحدث أخبارها   ) قال : ما عمل عليها من خير أو شر ، ( بأن ربك أوحى لها   ) قال : أعلمها ذلك . 
حدثني يونس  ، قال : أخبرنا ابن وهب  ، قال : قال ابن زيد ،  في قوله : ( يومئذ تحدث أخبارها   ) قال : ما كان فيها ، وعلى ظهرها من أعمال العباد  . 
حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن  ، قال : ثنا ورقاء  ، جميعا عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  ، قوله : ( يومئذ تحدث أخبارها    ) قال : تخبر الناس بما عملوا عليها . 
وقيل : عني بقوله : ( أوحى لها ) : أوحى إليها  . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني ابن سنان القزاز  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، عن شبيب  ، عن عكرمة ،  عن ابن عباس   ( أوحى لها ) قال : أوحى إليها  . 
وقوله : ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا   ) قيل : إن معنى هذه الكلمة التأخير بعد ( ليروا أعمالهم   ) قالوا : ووجه الكلام : يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ، ليروا أعمالهم ، يومئذ يصدر الناس أشتاتا . قالوا : ولكنه اعترض بين ذلك بهذه الكلمة . 
ومعنى قوله : ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا   ) عن موقف الحساب فرقا متفرقين ، فآخذ ذات اليمين إلى الجنة ، وآخذ ذات الشمال إلى النار . 
وقوله : ( ليروا أعمالهم   ) يقول : يومئذ يصدر الناس أشتاتا متفرقين ، عن اليمين وعن الشمال ، ليروا أعمالهم ، فيرى المحسن في الدنيا ، المطيع لله عمله وما أعد الله له يومئذ من الكرامة ، على طاعته إياه كانت في الدنيا ، ويرى المسيء العاصي لله عمله وجزاء عمله وما أعد الله له من الهوان والخزي في جهنم على معصيته إياه كانت في الدنيا ، وكفره به . 
وقوله : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره   ) 
يقول : فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير ، يرى ثوابه  هنالك ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) يقول : ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه  هنالك ، وقيل : ومن يعمل ، والخبر  [ ص: 550 ] عنها في الآخرة ؛ لفهم السامع معنى ذلك ، لما قد تقدم من الدليل قبل ، على أن معناه : فمن عمل ذلك ؛ دلالة قوله : ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم   ) على ذلك . ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين ، وكان في قوله : ( يعمل ) حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله ، والزجر عن معاصيه ، مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك ، على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله ، وما لهم على ذلك ، أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل . 
وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  ، قال : ثنا أبو صالح  ، قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  ، في قوله : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره   ) قال : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا ، إلا آتاه الله إياه . فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته ، فيغفر الله له سيئاته . وأما الكافر فيرد حسناته ، ويعذبه بسيئاته . وقيل في ذلك غير هذا القول ، فقال بعضهم : أما المؤمن ، فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا ، ويؤخر له ثواب حسناته ، والكافر يعجل له ثواب حسناته ، ويؤخر له عقوبة سيئاته  . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي  ، قال : ثنا محمد بن بشر  ، قال : حدثنيه  محمد بن مسلم الطائفي  ، عن عمرو بن قتادة  ، قال : سمعت  محمد بن كعب القرظي  ، وهو يفسر هذه الآية : ( فمن يعمل مثقال ذرة   ) قال : من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ير ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عنده خير ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) من مؤمن ير عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس عنده شيء  . 
حدثني محمود بن خداش  ، قال : ثنا  محمد بن يزيد الواسطي  ، قال : ثنا  محمد بن مسلم الطائفي  ، عن  عمرو بن دينار  ، قال : سألت  محمد بن كعب القرظي  ، عن هذه الآية : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) قال : من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ، ير ثوابها في نفسه وأهله وماله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير ; ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن ، ير عقوبتها  [ ص: 551 ] في نفسه وأهله وماله ، حتى يخرج وليس له شر  . 
حدثني أبو الخطاب الحساني  ، قال : ثنا الهيثم بن الربيع  ، قال : ثنا سماك بن عطية  ، عن أيوب  ، عن أبي قلابة  ، عن أنس  ، قال : كان أبو بكر  رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) فرفع أبو بكر  يده من الطعام ، وقال : يا رسول الله إني أجزى بما عملت من مثقال ذرة من شر ، فقال : " يا أبا بكر  ، ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر ، ويدخر لك الله مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة " . 
حدثنا ابن بشار  ، قال : ثنا أيوب  ، قال : وجدنا في كتاب أبي قلابة  ، عن أبي إدريس   : أن أبا بكر  كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزلت هذه الآية : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) فرفع أبو بكر  يده من الطعام ، وقال : إني لراء ما عملت ، قال : لا أعلمه إلا قال : ما عملت من خير وشر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن ما ترى مما تكره فهو مثاقيل ذر شر كثير ، ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير حتى تعطاه يوم القيامة " وتصديق ذلك في كتاب الله : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير   )  . 
حدثني يعقوب  ، قال : ثنا  ابن علية ،  قال : ثنا أيوب  ، قال : قرأت في كتاب أبي قلابة  قال : نزلت ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) وأبو بكر  يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، إني لراء ما عملت من خير وشر ؟ فقال : " أرأيت ما رأيت مما تكره ، فهو من مثاقيل ذر الشر ، ويدخر مثاقيل ذر الخير ، حتى تعطوه يوم القيامة " قال أبو إدريس   : فأرى مصداقها في كتاب الله ، قال : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير   ) . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  ، قال : ثنا  ابن علية  ، عن داود  ، عن الشعبي  ، قال : قالت عائشة   : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جدعان  كان يصل الرحم ، ويفعل ويفعل ، هل ذاك نافعه ؟ قال : " لا إنه لم يقل يوما : " رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " .
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا حفص  ، عن داود  ، عن الشعبي  ، عن مسروق  ، عن عائشة  ، قالت : قلت : يا رسول الله ، ابن جدعان  كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : " لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما : " رب اغفر  [ ص: 552 ] لي خطيئتي يوم الدين " 
حدثنا  ابن المثنى  ، قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن داود  ، عن عامر الشعبي  ، أن عائشة  أم المؤمنين قالت : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جدعان  ، كان يصل الرحم ، ويقري الضيف ، ويفك العاني ، فهل ذلك نافعه شيئا ؟ قال : " لا إنه لم يقل يوما : " رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " . 
حدثنا  ابن المثنى  ، قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن داود  ، عن عامر  ، عن علقمة  ، أن سلمة بن يزيد الجعفي  ، قال : يا رسول الله ، إن أمنا هلكت في الجاهلية ، كانت تصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتفعل وتفعل ، فهل ذلك نافعها شيئا ؟ قال : " لا "  . 
حدثنا  ابن المثنى  ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال  ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان  ، قال : ثنا داود  ، عن الشعبي  ، عن علقمة بن قيس  ، عن سلمة بن يزيد الجعفي  ، قال : ذهبت أنا وأخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إن أمنا كانت في الجاهلية تقري الضيف ، وتصل الرحم ، هل ينفعها عملها ذلك شيئا ؟ قال : " لا "  . 
حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران  وابن عبد الأعلى  ، قالا ثنا المعتمر بن سليمان  ، قال : ثنا  داود بن أبي هند  ، عن الشعبي  ، عن علقمة  ، عن سلمة بن يزيد ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  ، قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  ، عن محمد بن كعب  ، أنه قال : أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة ، وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا   . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا أبو نعامة  ، قال : ثنا عبد العزيز بن بشير الضبي  جده سلمان بن عامر  أن سلمان بن عامر  جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أبي كان يصل الرحم ، ويفي بالذمة ، ويكرم الضيف ، قال : " مات قبل الإسلام " ؟ قال : نعم ، قال : " لن ينفعه ذلك " فولى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالشيخ " فجاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها لن تنفعه ، ولكنها تكون في عقبه ؛ فلن تخزوا أبدا ، ولن تذلوا أبدا ، ولن تفتقروا أبدا "  . 
حدثنا  ابن المثنى  وابن بشار  ، قالا ثنا أبو داود  ، قال : ثنا عمران  ، عن قتادة  ، عن أنس  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة  [ ص: 553 ] يثاب عليها الرزق في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيعطيه بها في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، لم تكن له حسنة  " . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  ، قال : ثنا  ابن علية  ، قال : ثنا ليث  ، قال : ثني المعلى  ، عن  محمد بن كعب القرظي  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أحسن من محسن ، مؤمن أو كافر إلا وقع ثوابه على الله في عاجل دنياه ، أو آجل آخرته  " . 
حدثني  يونس بن عبد الأعلى  ، قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : أخبرني يحيى بن عبد الله  ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي  ، عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  أنه قال : أنزلت : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها   )  وأبو بكر الصديق  قاعد ، فبكى حين أنزلت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟   " قال : يبكيني هذه السورة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم " . 
فهذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبئ عن أن المؤمن إنما يرى عقوبة سيئاته في الدنيا ، وثواب حسناته في الآخرة ، وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا ، وعقوبة سيئاته في الآخرة ، وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في الدنيا مع كفره   . 
حدثنا أبو كريب  ، قال : ثنا ابن علي  ، عن الأعمش  ، عن إبراهيم التيمي  ، قال : أدركت سبعين من أصحاب عبد الله  ، أصغرهم الحارث بن سويد ،  فسمعته يقرأ : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها   ) حتى بلغ إلى : ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ) قال : إن هذا إحصاء شديد  . 
وقيل : إن الذرة دودة حمراء ليس لها وزن . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني إسحاق بن وهب العلاف  ومحمد بن سنان القزاز  ، قالا : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا شبيب بن بشر  ، عن عكرمة ،  عن ابن عباس  ، في قوله : ( مثقال ذرة   ) قال ابن سنان  في حديثه : مثقال ذرة حمراء . وقال ابن وهب  في حديثه : نملة حمراء . قال إسحاق  ، قال  يزيد بن هارون   : وزعموا أن هذه الدودة الحمراء ليس لها وزن . 
آخر تفسير سورة إذا زلزلت الأرض . 
				
						
						
