فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) القول في تأويل قوله تعالى (
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فإذا أفضتم فكررتم راجعين من عرفة ، إلى حيث بدأتم الشخوص إليها منه ، " فاذكروا الله" ، يعني بذلك : الصلاة ، والدعاء عند المشعر الحرام .
وقد بينا قبل أن"المشاعر" هي المعالم ، من قول القائل : "شعرت بهذا الأمر" ، أي علمت ، ف "المشعر" ، هو المعلم ، سمي بذلك ؛ لأن الصلاة عنده والمقام والمبيت والدعاء ، من معالم الحج وفروضه التي أمر الله بها عباده . وقد : -
3798 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن زكريا ، عن ابن أبي نجيح ، قال : يستحب للحاج أن يصلي في منزله بالمزدلفة إن استطاع ، وذلك أن الله قال : " فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم " .
فأما"المشعر" : فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر .
وليس مأزما عرفة من"المشعر" .
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 176 ]
3799 - حدثنا قال : حدثنا هناد بن السري ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : رأى ابن عمر الناس يزدحمون على الجبيل بجمع فقال : أيها الناس إن جمعا كلها مشعر .
3800 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه سئل عن قوله : " فاذكروا الله عند المشعر الحرام " ، قال : هو الجبل وما حوله .
3801 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن ابن عباس قال : ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر .
3802 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا الثوري ، عن عن السدي ، سعيد بن جبير ، مثله .
3803 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري وحدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان عن عن السدي ، سعيد بن جبير ، قال : سألته عن المشعر الحرام فقال : ما بين جبلي المزدلفة .
3804 - حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : " المشعر الحرام " المزدلفة كلها قال معمر : وقاله قتادة .
3805 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا قال : أنبأنا وكيع ، الثوري ، عن عن السدي ، سعيد بن جبير : " فاذكروا الله عند المشعر الحرام " ، قال : ما بين جبلي المزدلفة هو المشعر الحرام .
3806 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا أبي ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام ، [ ص: 177 ] فقال : إذا انطلقت معي أعلمتكه . قال : فانطلقت معه ، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه ، حتى إذا هبطت أيدي الركاب ، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال : أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه ! قلت : ما أخذت فيه؟ قال : كلها مشاعر إلى أقصى الحرم .
3807 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : سألت عبد الله بن عمر ، عن المشعر الحرام قال : إن تلزمني أركه . قال : فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال ، قال : أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال : قلت : هأنذا ، قال : أخذت فيه! قلت : ما أخذت فيه ! قال : حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة .
3808 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا عن وكيع ، عمارة بن زاذان ، عن مكحول الأزدي ، قال : سألت ابن عمر يوم عرفة عن المشعر الحرام؟ فقال : الزمني ! فلما كان من الغد وأتينا المزدلفة ، قال : أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام .
3809 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا داود ، عن قال : قال ابن جريج ، مجاهد : المشعر الحرام : المزدلفة كلها .
3810 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا داود ، عن قال : قلت ابن جريج ، لعطاء : أين المزدلفة؟ قال : إذا أفضت من مأزمي عرفة ، فذلك إلى محسر . قال : وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة ، ولكن مفاضاهما .
قال : قف بينهما إن شئت ، وأحب إلي أن تقف دون قزح . هلم إلينا من أجل طريق الناس ! .
3811 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، [ ص: 178 ] عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : رآهم ابن عمر يزدحمون على قزح ، فقال : علام يزدحم هؤلاء ؟ كل ما ههنا مشعر! .
3812 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : المشعر الحرام المزدلفة كلها .
3813 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
3814 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " وذلك ليلة جمع . قال قتادة : كان ابن عباس يقول : ما بين الجبلين مشعر .
3815 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن قال : السدي ، المشعر الحرام هو ما بين جبال المزدلفة ويقال : هو قرن قزح .
3816 - حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " فاذكروا الله عند المشعر الحرام " ، وهي المزدلفة ، وهي جمع .
وذكر عن ما : - عبد الرحمن بن الأسود
3817 - حدثنا به هناد ، قال : حدثنا عن وكيع ، إسرائيل ، عن جابر ، عن قال : لم أجد أحدا يخبرني عن عبد الرحمن بن الأسود ، المشعر الحرام .
3818 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن قال : سمعت السدي ، سعيد بن جبير يقول : المشعر الحرام : ما بين جبلي مزدلفة .
3819 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا قيس ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، قال : سألت ابن عمر عن المشعر الحرام فقال : [ ص: 179 ] ما أدري؟ وسألت ابن عباس ، فقال : ما بين الجبلين .
3820 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : الجبيل وما حوله مشاعر .
3821 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن ثوير ، قال : وقفت مع مجاهد على الجبيل ، فقال : هذا المشعر الحرام .
3822 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن عطية ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، الجبيل وما حوله مشاعر .
قال أبو جعفر : وإنما جعلنا أول حد المشعر مما يلي منى ، منقطع وادي محسر مما يلي المزدلفة ، لأن : -
3823 - المثنى حدثني قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : زيد بن أسلم ، عرفة كلها موقف إلا عرنة ، وجمع كلها موقف إلا محسرا " . "
3824 - حدثني يعقوب ، قال : حدثني هشيم ، عن حجاج ، عن عن ابن أبي مليكة ، عبد الله بن الزبير ، أنه قال : كل مزدلفة موقف إلا وادي محسر .
3825 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن حجاج ، قال : أخبرني من سمع عروة بن الزبير يقول مثل ذلك . [ ص: 180 ]
3826 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن قال : قال هشام بن عروة ، عبد الله بن الزبير في خطبته : تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر .
قال أبو جعفر : غير أن ذلك وإن كان كذلك فإني أختار للحاج أن يجعل وقوفه لذكر الله من المشعر الحرام على قزح وما حوله ؛ لأن : -
3827 - أبا كريب حدثنا ، قال : حدثنا عن عبيد الله بن موسى ، إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ، عن عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، زيد بن علي ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، علي قال : لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة ، غدا فوقف على قزح ، وأردف الفضل ، ثم قال : هذا الموقف ، وكل مزدلفة موقف . عن
3828 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا قال : أخبرنا يونس بن بكير ، إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن عن زيد بن علي بن الحسين ، عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . [ ص: 181 ]
3829 - حدثنا هناد وأحمد الدولابي ، قالا حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن ابن الحويرث ، قال : رأيت أبا بكر واقفا على قزح وهو يقول : أيها الناس أصبحوا ! أيها الناس أصبحوا ! ثم دفع . [ ص: 182 ]
3830 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عبد الله بن عثمان ، عن يوسف بن ماهك ، قال : حججت مع ابن عمر ، فلما أصبح بجمع صلى الصبح ، ثم غدا وغدونا معه حتى وقف مع الإمام على قزح ، ثم دفع الإمام فدفع بدفعته .
وأما قول عبد الله بن عمر حين صار بالمزدلفة : " هذا كله مشاعر إلى مكة " ، فإن معناه أنها معالم من معالم الحج ينسك في كل بقعة منها بعض مناسك الحج لا أن كل ذلك" المشعر الحرام " الذي يكون الواقف حيث وقف منه إلى بطن مكة قاضيا ما عليه من الوقوف بالمشعر الحرام من جمع . [ ص: 183 ]
وأما قول : " لم أجد أحدا يخبرني عن عبد الرحمن بن الأسود المشعر الحرام " فلأنه يحتمل أن يكون أراد : لم أجد أحدا يخبرني عن حد أوله ومنتهى آخره على حقه وصدقه ؛ لأن حدود ذلك على صحتها حتى لا يكون فيها زيادة ولا نقصان ، لا يحيط بها إلا القليل من أهل المعرفة بها . غير أن ذلك وإن لم يقف على حد أوله ومنتهى آخره وقوفا لا زيادة فيه ولا نقصان إلا من ذكرت ، فموضع الحاجة للوقوف لا خفاء به على أحد من سكان تلك الناحية وكثير من غيرهم . وكذلك سائر مشاعر الحج ، والأماكن التي فرض الله عز وجل على عباده أن ينسكوا عندها كعرفات ومنى والحرم .