[ ص: 201 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ( 200 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فإذا قضيتم مناسككم أيها المؤمنون فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ، وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدنيا والآخرة بابتهال وتمسكن ، واجعلوا أعمالكم لوجهه خالصا ولطلب مرضاته ، وقولوا : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ، ولا تكونوا كمن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة ، فكانت أعمالهم للدنيا وزينتها ، فلا يسألون ربهم إلا متاعها ، ولا حظ لهم في ثواب الله ، ولا نصيب لهم في جناته وكريم ما أعد لأوليائه ، كما قال في ذلك أهل التأويل .
3867 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي وائل : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " ، هب لنا غنما! هب لنا إبلا !" وما له في الآخرة من خلاق " .
3868 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، قال : كانوا في الجاهلية يقولون : " هب لنا إبلا!" ، ثم ذكر مثله .
3869 - حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش في قوله : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق" ، قال : كانوا يعني أهل الجاهلية يقفون - يعني بعد قضاء مناسكهم - فيقولون : " اللهم ارزقنا إبلا! اللهم ارزقنا غنما!" ، فأنزل الله هذه الآية : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " قال أبو كريب : قلت ليحيى بن آدم : عمن هو؟ قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي وائل . [ ص: 202 ]
3870 - حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن القاسم بن عثمان ، عن أنس : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " ، قال : كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون فيقولون : " اللهم اسقنا المطر ، وأعطنا على عدونا الظفر ، وردنا صالحين إلى صالحين ! .
3871 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " نصرا ورزقا ، ولا يسألون لآخرتهم شيئا .
3872 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
3873 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قول الله : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " ، فهذا عبد نوى الدنيا ، لها عمل ، ولها نصب .
3874 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن في قوله : " السدي فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " ، قال : كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنى لا يذكر الله الرجل منهم ، وإنما يذكر أباه ، ويسأل أن يعطى في الدنيا .
3875 - حدثني يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا " ، قال كانوا أصنافا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهل الكفر ، وأهل النفاق . فمن الناس من يقول : " ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " إنما حجوا للدنيا والمسألة ، لا يريدون الآخرة ، ولا يؤمنون بها و منهم من يقول : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة " ، الآية قال : والصنف الثالث : " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا " الآية . [ ص: 203 ]
وأما معنى"الخلاق" فقد بيناه في غير هذا الموضع ، وذكرنا اختلاف المختلفين في تأويله والصحيح لدينا من معناه بالشواهد من الأدلة وأنه النصيب ، بما فيه كفاية عن إعادته في هذا الموضع .