كتب عليكم القتال ) القول في تأويل قوله عز ذكره (
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه بقوله : " كتب عليكم القتال " ، فرض عليكم القتال ، يعني قتال المشركين" وهو كره لكم" .
واختلف أهل العلم في الذين عنوا بفرض القتال .
فقال بعضهم : عني بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون غيرهم .
ذكر من قال ذلك :
4072 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن قال : سألت ابن جريج ، عطاء قلت له : " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " ، أواجب الغزو على الناس من أجلها ؟ قال : لا! كتب على أولئك حينئذ .
4073 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا [ ص: 296 ] خالد ، عن حسين بن قيس ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " ، قال نسختها ( قالوا سمعنا وأطعنا ) [ سورة البقرة : 285 ]
قال أبو جعفر : وهذا قول لا معنى له ؛ لأن نسخ الأحكام من قبل الله جل وعز ، لا من قبل العباد ، وقوله : " قالوا سمعنا وأطعنا " ، خبر من الله عن عباده المؤمنين وأنهم قالوه لا نسخ منه .
4074 - حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، قال : سألت الأوزاعي عن قول الله عز وجل : " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " ، أواجب الغزو على الناس كلهم ؟ قال : لا أعلمه ، ولكن لا ينبغي للأئمة والعامة تركه ، فأما الرجل في خاصة نفسه فلا .
وقال آخرون : هو على كل واحد حتى يقوم به من في قيامه الكفاية ، فيسقط فرض ذلك حينئذ عن باقي المسلمين ، كالصلاة على الجنائز وغسلهم الموتى ودفنهم ، وعلى هذا عامة علماء المسلمين .
قال أبو جعفر : وذلك هو الصواب عندنا لإجماع الحجة على ذلك ، ولقول الله عز وجل : ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) [ سورة النساء : 95 ] ، فأخبر جل ثناؤه أن الفضل للمجاهدين ، وأن لهم وللقاعدين الحسنى ، ولو كان القاعدون مضيعين فرضا لكان لهم السوأى لا الحسنى . [ ص: 297 ]
وقال آخرون : هو فرض واجب على المسلمين إلى قيام الساعة .
ذكر من قال ذلك :
4075 - حدثنا حبيش بن مبشر قال : حدثنا روح بن عبادة ، عن عن ابن جريج ، داود بن أبي عاصم ، قال : قلت : قد أعلم أن الغزو واجب على الناس! فسكت ، وقد أعلم أن لو أنكر ما قلت لبين لي . لسعيد بن المسيب
وقد بينا فيما مضى معنى قوله : " كتب " بما فيه الكفاية .