القول في تأويل قوله تعالى ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم    ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، وفي معنى " اللغو " . 
فقال بعضهم في معناه : لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة ، فيوجب عليكم به كفارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين . وذلك كقول القائل : " فعلت هذا والله ، أو : أفعله والله ، أو : لا أفعله والله " ، على سبوق المتكلم بذلك لسانه ، بما وصل به كلامه من اليمين .  [ ص: 428 ] 
ذكر من قال ذلك : 
4373 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  قال : حدثنا عتاب بن بشير  عن خصيف  عن عكرمة  عن ابن عباس   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هي " بلى والله " ، و" لا والله  " . 
4374 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  عن ابن إسحاق  عن الزهري  عن القاسم  عن عائشة  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : " لا والله " ، و" بلى والله " . 
4375 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  عن ابن أبي نجيح  عن عطاء  عن عائشة  نحوه . 
4376 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  عن ابن إسحاق  عن  هشام بن عروة  عن أبيه ، قال : سألت عائشة  عن لغو اليمين ، قالت : هو " لا والله " و" بلى والله " ، ما يتراجع به الناس  . 
4377 - حدثنا هناد  قال : حدثنا  وكيع  وعبدة  وأبو معاوية  عن  هشام بن عروة  عن أبيه عن عائشة  في قول الله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : " لا والله " و" بلى والله  " . 
4378 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  عن  هشام بن عروة  عن أبيه عن عائشة   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : " لا والله " و" بلى والله " ، يصل بها كلامه  . 
4379 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا  حكام بن سلم  عن عبد الملك  عن عطاء  قال : دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة  فقال لها : يا أم المؤمنين  [ ص: 429 ] قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ؟ قالت : هو " لا والله " ، و" بلى والله " ، ليس مما عقدتم الأيمان  . 
4380 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا  ابن أبي ليلى  عن عطاء  قال : أتيت عائشة  مع عبيد بن عمير ، فسألها عبيد عن قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، فقالت عائشة   : هو قول الرجل : " لا والله " و" بلى والله " ، ما لم يعقد عليه قلبه  . 
4381 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا  ابن علية  قال : أخبرنا  ابن جريج  عن عطاء  قال : انطلقت مع  عبيد بن عمير  إلى عائشة  وهي مجاورة في ثبير ، فسألها عبيد عن لغو اليمين ، قالت : " لا والله " و" بلى والله  " . 
4382 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي  قال : حدثنا  حسان بن إبراهيم الكرماني  قال : حدثنا إبراهيم الصائغ  عن عطاء  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : قالت عائشة   : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو قول الرجل في بيته : " كلا والله " و" بلى والله  " . 
4383 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا  [ ص: 430 ] معمر  عن الزهري  عن عروة  عن عائشة  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : هم القوم يتدارءون في الأمر ، فيقول هذا : " لا والله ، وبلى والله ، وكلا والله " ، يتدارءون في الأمر ، لا تعقد عليه قلوبهم  . 
4384 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  عن مغيرة  عن الشعبي  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : قول الرجل : " لا والله ، وبلى والله " ، يصل به كلامه ، ليس فيه كفارة  . 
4385 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا المغيرة  عن الشعبي  قال : هو الرجل يقول : " لا والله ، وبلى والله " ، يصل حديثه  . 
4386 - حدثنا حميد بن مسعدة  قال : حدثنا بشر بن المفضل  قال : حدثنا ابن عون  قال سألت عامرا  عن قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو " لا والله ، وبلى والله  " . 
4387 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا  ابن علية  وحدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، جميعا عن ابن عون  عن الشعبي  مثله . 
4388 - حدثني يعقوب بن إبراهيم   وابن وكيع  قالا : حدثنا  ابن علية  قال : حدثنا أيوب  قال : قال أبو قلابة  في : " لا والله ، وبلى والله " ، أرجو أن يكون لغة وقال يعقوب  في حديثه : أرجو أن يكون لغوا ، وقال ابن وكيع  في حديثه : أرجو أن يكون لغة ، ولم يشك . 
4389 - حدثنا أبو كريب   وابن وكيع  وهناد  قالوا : حدثنا  وكيع  عن إسماعيل بن أبي خالد  عن أبي صالح  قال : لا والله ، وبلى والله .  [ ص: 431 ] 
4390 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا  وكيع  عن مالك  عن عطاء  قال : سمعت عائشة  تقول في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : " لا والله ، وبلى والله  " . 
4391 - حدثنا هناد  قال : حدثنا  وكيع  عن  مالك بن مغول  عن عطاء  مثله . 
4392 - حدثنا هناد  قال : حدثنا أبو معاوية  عن عاصم الأحول  عن عكرمة  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو قول الناس : " لا والله ، وبلى والله  " . 
4393 - حدثنا سفيان بن وكيع  قال : حدثنا أبو معاوية  عن عاصم  عن الشعبي  وعكرمة  قالا : " لا والله وبلى والله " . 
4394 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا ابن عيينة  عن عمرو  عن عطاء  قال : دخلت مع  عبيد بن عمير  على عائشة  فسألها ، فقالت : " لا والله ، وبلى والله " . 
4395 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا حفص  عن  ابن أبي ليلى  وأشعث  عن عطاء  عن عائشة   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " قالت : " لا والله ، وبلى والله  " . 
4396 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي وجرير  عن هشام  عن أبيه ، عن عائشة  قالت : " لا والله ، وبلى والله " . 
4397 - حدثنا ابن وكيع  وهناد  قالا : حدثنا يعلى  عن عبد الملك  عن عطاء  قال : قالت عائشة  في قول الله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قالت : هو قولك : " لا والله ، وبلى والله " ، ليس لها عقد الأيمان  . 
4398 - حدثنا هناد  قال : حدثنا أبو الأحوص  عن مغيرة  عن الشعبي  قال : اللغو قول الرجل : " لا والله ، وبلى والله " ، يصل به كلامه ، ما لم يك شيئا يعقد عليه قلبه  . 
4399 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني عمرو  أن  [ ص: 432 ] سعيد بن أبي هلال  حدثه : أنه سمع عطاء بن أبي رباح  يقول : سمعت عائشة  تقول : لغو اليمين قول الرجل : " لا والله ، وبلى والله " ، فيما لم يعقد عليه قلبه  . 
4400 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال عمرو  وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي  عن عطاء  عن عائشة  بذلك . 
4401 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  عن منصور  عن الحكم  عن مجاهد  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : الرجلان يتبايعان ، فيقول أحدهما : " والله لا أبيعك بكذا وكذا " ، ويقول الآخر : " والله لا أشتريه بكذا وكذا " ، فهذا اللغو ، لا يؤاخذ به  . 
وقال آخرون : بل اللغو في اليمين اليمين التي يحلف بها الحالف وهو يرى أنه كما يحلف عليه ، ثم يتبين غير ذلك ، وأنه بخلاف الذي حلف عليه . 
ذكر من قال ذلك : 
4402 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال : أخبرني ابن نافع  عن أبي معشر  عن محمد بن قيس  عن  أبي هريرة  أنه كان يقول : لغو اليمين ، حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه ، فإذا هو غير ذلك  . 
4403 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس  قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، واللغو : أن يحلف الرجل على الشيء يراه حقا ، وليس بحق  . 
4404 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال : حدثني معاوية  عن علي  عن ابن عباس   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، هذا في الرجل يحلف على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله ، فيرى الذي هو خير منه ، فأمره الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير . ومن اللغو أيضا أن يحلف الرجل على  [ ص: 433 ] أمر لا يألو فيه الصدق ، وقد أخطأ في يمينه ، فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم عليه . 
4405 - حدثنا ابن بشار  وابن المثنى  قالا : حدثنا أبو داود  قال : حدثنا هشام  عن قتادة  عن سليمان بن يسار  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : خطأ غير عمد  . 
4406 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا ابن أبي عدي  عن عوف  عن الحسن  في هذه الآية" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو أن تحلف على الشيء ، وأنت يخيل إليك أنه كما حلفت ، وليس كذلك . فلا يؤاخذه الله ولا كفارة ، ولكن المؤاخذة والكفارة فيما حلف عليه على علم  . 
4407 - حدثنا هناد   وابن وكيع  قالا : حدثنا  وكيع  عن الفضل بن دلهم  عن الحسن  قال : هو الرجل يحلف على اليمين ، لا يرى إلا أنه كما حلف . 
4408 - حدثنا سفيان  قال : حدثنا أبو معاوية  عن عاصم  عن الحسن   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على اليمين يرى أنها كذلك ، وليست كذلك  . 
4409 - حدثنا هناد  قال : حدثنا عبدة  عن سعيد  عن قتادة  عن الحسن  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على الشيء ، وهو يرى أنه كذلك ، فلا يكون كما قال : فلا كفارة عليه  . 
4410 - حدثنا هناد  وأبو كريب   وابن وكيع  قالوا ، حدثنا  وكيع  عن سفيان  وحدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا الثوري  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على الشيء لا يرى إلا أنها كما حلف عليه ، وليست كذلك  .  [ ص: 434 ] 
4411 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  عن عيسى  عن ابن أبي نجيح  في قول الله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : من حلف بالله ولا يعلم إلا أنه صادق فيما حلف  . 
4412 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، حلف الرجل على الشيء وهو لا يعلم إلا أنه على ما حلف عليه ، فلا يكون كما حلف ، كقوله : " إن هذا البيت لفلان " ، وليس له و" إن هذا الثوب لفلان " ، وليس له  . 
4413 - حدثنا هناد  قال : حدثنا أبو الأحوص  عن مغيرة  عن إبراهيم  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه فيه صادق  . 
4414 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا مغيرة  عن إبراهيم  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على الأمر يرى أنه كما حلف عليه ، فلا يكون كذلك . قال : فلا يؤاخذكم بذلك . قال : وكان يحب أن يكفر  . 
4415 - حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي  قال : حدثنا الجعفي  عن زائدة  عن منصور  قال : قال إبراهيم   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : أن يحلف على الشيء وهو يرى أنه صادق وهو كاذب ، فذلك اللغو ، لا يؤاخذ به  . 
4416 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا حكام  عن عمرو  عن منصور   [ ص: 435 ] عن إبراهيم  نحوه إلا أنه قال : إن حلفت على الشيء ، وأنت ترى أنك صادق ، وليس كذلك . 
4417 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا ابن إدريس  قال : أخبرنا حصين  عن أبي مالك  أنه قال : اللغو ، الرجل يحلف على الأيمان ، وهو يرى أنه كما حلف  . 
4418 - حدثني إسحاق بن [ إبراهيم بن ] حبيب بن الشهيد  قال : حدثنا عتاب بن بشير  عن خصيف :  عن زياد  قال : هو الذي يحلف على اليمين يرى أنه فيها صادق . 
4419 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي  قال : حدثنا بكير بن أبي السميط  عن قتادة  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الخطأ غير العمد ، الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كذلك  . 
4420 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  عمرو بن عون  قال : أخبرنا هشيم  عن منصور  ويونس  عن الحسن  قال : اللغو ، الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك ، فليس عليه فيه كفارة  . 
4421 - حدثنا هناد   وابن وكيع  قال هناد   : حدثنا  وكيع  وقال ابن وكيع   : حدثني أبي عن عمران بن حدير  قال : سمعت زرارة بن أوفى  قال : هو الرجل يحلف على اليمين لا يرى إلا أنها كما حلف  . 
4422 - حدثنا أحمد بن حازم  قال : حدثنا أبو نعيم  قال : حدثنا عمر بن بشير  قال : سئل عامر  عن هذه الآية : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   "  [ ص: 436 ] قال : اللغو أن يحلف الرجل لا يألو عن الحق ، فيكون غير ذلك . فذلك اللغو الذي لا يؤاخذ به  . 
4423 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة  قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، فاللغو اليمين الخطأ غير العمد ، أن تحلف على الشيء وأنت ترى أنه كما حلفت عليه ، ثم لا يكون كذلك . فهذا لا كفارة عليه ولا مأثم فيه  . 
4424 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط  عن  السدي   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، أما اللغو : فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنها كذلك ، فلا تكون كذلك . فليس عليه كفارة  . 
4425 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  عن أبيه عن الربيع  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : اللغو اليمين الخطأ في غير عمد : أن يحلف على الشيء وهو يرى أنه كما حلف عليه . وهذا ما ليس عليه فيه كفارة  . 
4426 - حدثنا هناد  قال : حدثنا أبو الأحوص  عن حصين  عن أبي مالك  قال : أما اليمين التي لا يؤاخذ بها صاحبها ، فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنه فيها صادق ، فذلك اللغو . 
4427 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا حصين  عن أبي مالك  مثله إلا أنه قال : الرجل يحلف على الأمر يرى أنه كما حلف عليه ، فلا يكون كذلك . فليس عليه فيه كفارة ، وهو اللغو  . 
4428 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني معاوية بن صالح   [ ص: 437 ] عن يحيى بن سعيد  وعن ابن أبي طلحة   - كذا قال ابن أبي جعفر   - قالا من قال : " والله لقد فعلت كذا وكذا " وهو يظن أن قد فعله ، ثم تبين له أنه لم يفعله ، فهذا لغو اليمين ، وليس عليه فيه كفارة  . 
4429 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر  عن رجل عن الحسن  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الخطأ غير العمد ، كقول الرجل : " والله إن هذا لكذا وكذا " ، وهو يرى أنه صادق ، ولا يكون كذلك قال معمر   : وقاله قتادة  أيضا . 
4430 - حدثني ابن البرقي  قال : حدثنا عمرو  قال : سئل سعيد  عن اللغو في اليمين ، قال سعيد  وقال مكحول   : الخطأ غير العمد ، ولكن الكفارة فيما عقدت قلوبكم  . 
4431 - حدثني ابن البرقي  قال : حدثنا عمرو  عن سعيد بن عبد العزيز  عن مكحول  أنه قال : اللغو الذي لا يؤاخذ الله به ، أن يحلف الرجل على الشيء الذي يظن أنه فيه صادق ، فإذا هو فيه غير ذلك ، فليس عليه فيه كفارة ، وقد عفا الله عنه  . 
4432 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  عن منصور  عن إبراهيم  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : إذا حلف على اليمين وهو يرى أنه فيه صادق ، وهو كاذب ، فلا يؤاخذ به ، وإذا حلف على اليمين وهو يعلم أنه كاذب ، فذاك الذي يؤاخذ به  . 
وقال آخرون : بل اللغو من الأيمان التي يحلف بها صاحبها في حال الغضب  [ ص: 438 ] على غير عقد قلب ولا عزم ، ولكن وصلة للكلام . 
ذكر من قال ذلك : 
4433 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا مالك بن إسماعيل  عن خالد  عن عطاء  عن وسيم   [ عن طاوس   ] عن ابن عباس  قال : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان  . 
4434 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا  يحيى بن واضح  قال : حدثنا أبو حمزة  عن عطاء  عن طاوس  قال : كل يمين حلف عليها رجل وهو غضبان ، فلا كفارة عليه فيها ، قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   "  [ ص: 439 ] 
وعلة من قال هذه المقالة ، ما : - 
4435 - حدثني به أحمد بن منصور المروزي  قال : حدثنا  عمر بن يونس اليمامي  قال : حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري  عن  يحيى بن أبي كثير  عن طاوس  عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يمين في غضب  " . 
وقال آخرون : بل اللغو في اليمين : الحلف على فعل ما نهى الله عنه ، وترك ما أمر الله بفعله . 
ذكر من قال ذلك : 
4436 - حدثنا هناد  قال : حدثنا  حفص بن غياث  عن  داود بن أبي هند  عن سعيد بن جبير  قال : هو الذي يحلف على المعصية ، فلا يفي ويكفر يمينه ، قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   "  .  [ ص: 440 ] 
4437 - حدثنا  محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا داود  عن سعيد بن جبير  قال : لغو اليمين : أن يحلف الرجل على المعصية لله ، لا يؤاخذه الله بإلغائها  . 
4438 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا ابن أبي عدي  عن داود  عن سعيد بن جبير  بنحوه وزاد فيه ، قال : وعليه كفارة . 
4439 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثني عبد الأعلى   ويزيد بن هارون  عن داود  عن سعيد  بنحوه . 
4440 - حدثنا  ابن المثنى  قال : حدثنا عبد الوهاب  قال : حدثنا داود  عن سعيد بن جبير   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على المعصية ، فلا يؤاخذه الله أن يكفر عن يمينه ، ويأتي الذي هو خير  . 
4441 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة  وحدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن شعبة  عن أبي بشر  عن سعيد بن جبير  في هذه الآية : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : الرجل يحلف على المعصية ، فلا يؤاخذه الله بتركها  . 
4442 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار  قال : حدثنا إسحاق  عن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند  قال حدثنا خالد بن إلياس عن أم أبيه : أنها حلفت أن لا تكلم ابنة ابنها - ابنة أبي الجهم - فأتت  سعيد بن المسيب  وأبا بكر   وعروة بن الزبير  فقالوا : لا يمين في معصية ، ولا كفارة عليها  . 
4443 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  عن أبي بشر  عن سعيد بن جبير  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو  [ ص: 441 ] الرجل يحلف على المعصية ، فلا يؤاخذه الله بتركها إن تركها . قلت : فكيف يصنع؟ قال : يكفر عن يمينه ويترك المعصية  . 
4444 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا هشيم  عن أبي بشر  عن سعيد بن جبير  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو الرجل يحلف على الحرام ، فلا يؤاخذه الله بتركه  . 
4445 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا  ابن علية  قال : أخبرنا داود  عن سعيد بن جبير  قال في لغو اليمين قال : هي اليمين في المعصية ، قال : أو لا تقرأ فتفهم ؟ قال الله : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان   ) [ سورة المائدة : 89 ] ، قال : فلا يؤاخذه بالإلغاء ، ولكن يؤاخذه بالتمام عليها . قال : وقال : " لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم   " إلى قوله : " والله غفور حليم   "  . 
4446 - حدثني المثنى  قال : حدثنا سويد بن نصر  قال : أخبرنا ابن المبارك  عن هشيم  عن أبي بشر  عن سعيد بن جبير  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : الرجل يحلف على المعصية ، فلا يؤاخذه الله بتركها ، ويكفر  . 
4447 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا  وهب بن جرير  قال : حدثنا شعبة  عن عاصم  عن الشعبي  عن مسروق  في الرجل يحلف على المعصية ، فقال : أيكفر خطوات الشيطان؟ ليس عليه كفارة  . 
4448 - حدثني  ابن المثنى  قال : حدثنا  وهب بن جرير  قال : حدثنا شعبة  عن عاصم  عن عكرمة  عن ابن عباس  مثل ذلك .  [ ص: 442 ] 
4449 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا ابن أبي عدي  عن داود  عن الشعبي  في الرجل يحلف على المعصية ، قال : كفارتها أن يتوب منها  . 
4450 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا مغيرة  عن الشعبي  أنه كان يقول : يترك المعصية ولا يكفر ، ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله . 
4451 - حدثنا يحيى بن داود الواسطي  قال : حدثنا أبو أسامة  عن مجالد  عن عامر  عن مسروق  قال : كل يمين لا يحل لك أن تفي بها ، فليس فيها كفارة  . 
وعلة من قال هذا القول من الأثر ، ما : - 
4452 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا أبو أسامة  عن الوليد بن كثير  قال : حدثني عبد الرحمن بن الحارث  عن عمرو بن شعيب  عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نذر فيما لا يملك فلا نذر له ، ومن حلف على معصية لله فلا يمين له ، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له  " . 
4453 - حدثني علي بن سعيد الكندي  قال : حدثنا علي بن مسهر  عن حارثة بن محمد  عن  عمرة  عن عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين قطيعة رحم أو معصية لله ، فبره أن يحنث بها ويرجع عن يمينه  .  [ ص: 443 ] 
وقال آخرون : اللغو من الأيمان   : كل يمين وصل الرجل بها كلامه ، على غير قصد منه إيجابها على نفسه . 
ذكر من قال ذلك : 
4454 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا  ابن علية  قال : حدثنا هشام  قال : حدثنا حماد  عن إبراهيم  قال : لغو اليمين ، أن يصل الرجل كلامه بالحلف : " والله ليأكلن ، والله ليشربن " ونحو هذا ، لا يتعمد به اليمين ، ولا يريد به حلفا . ليس عليه كفارة  . 
4455 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا  ابن علية  عن  هشام الدستوائي  عن حماد  عن إبراهيم   : لغو اليمين ، ما يصل به كلامه : " والله لتأكلن ، والله لتشربن  " . 
4456 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا جرير  عن منصور  عن الحكم  عن مجاهد   : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هما الرجلان يتساومان بالشيء ، فيقول أحدهما : " والله لا أشتريه منك بكذا " ، ويقول الآخر : " والله لا أبيعك بكذا وكذا  " . 
4457 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني يونس  عن ابن شهاب   : أن عروة  حدثه : أن عائشة  زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أيمان اللغو ، ما كان في الهزل والمراء والخصومة ، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب  .  [ ص: 444 ] 
وعلة من قال هذا القول من الأثر ، ما : - 
4458 - حدثنا به محمد بن موسى الحرشي  قال : حدثنا عبيد الله بن ميمون المرادي  قال : حدثنا عوف الأعرابي  عن الحسن بن أبي الحسن  قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون - يعني : يرمون - ومع النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه ، فرمى رجل من القوم فقال : أصبت والله ، وأخطأت! فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم : حنث الرجل يا رسول الله ؟ قال : كلا ، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة  . 
وقال آخرون : اللغو من الأيمان ، ما كان من يمين بمعنى الدعاء من الحالف على نفسه : إن لم يفعل كذا وكذا ، أو بمعنى الشرك والكفر . 
ذكر من قال ذلك : 
4459 - حدثني  محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري  قال : حدثنا إسماعيل بن مرزوق  عن يحيى بن أيوب  عن محمد بن عجلان  عن  زيد بن أسلم  في قول الله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : هو كقول الرجل : " أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا - أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا " ، فهو هذا ، ولا يترك الله له مالا ولا ولدا . يقول : لو يؤاخذكم الله بهذا لم يترك لكم شيئا  .  [ ص: 445 ] 
4460 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم  قال : حدثنا إسماعيل  قال : حدثني يحيى بن أيوب  عن عمرو بن الحارث  عن  زيد بن أسلم  بمثله . 
4461 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم  قال : حدثنا إسماعيل بن مرزوق  قال : حدثني يحيى بن أيوب  أن  زيد بن أسلم  كان يقول في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، مثل قول الرجل : " هو كافر ، وهو مشرك " . قال : لا يؤاخذه حتى يكون ذلك من قلبه  . 
4462 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : اللغو في هذا : الحلف بالله ما كان بالألسن ، فجعله لغوا ، وهو أن يقول : " هو كافر بالله ، وهو إذا يشرك بالله ، وهو يدعو مع الله إلها " ، فهذا اللغو الذي قال الله في " سورة البقرة  " . 
وقال آخرون : اللغو في الأيمان : ما كانت فيه كفارة . 
ذكر من قال ذلك : 
4463 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح  عن علي بن أبي طلحة  عن ابن عباس  قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، فهذا في الرجل يحلف على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله ، فيرى الذي هو خير منه ، فأمره الله أن يكفر يمينه ، ويأتي الذي هو خير  . 
4464 - حدثني يحيى بن جعفر  قال : حدثنا  يزيد بن هارون  قال : أخبرنا جويبر  عن الضحاك  في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   " ، قال : اليمين المكفرة  . 
وقال آخرون : اللغو من الأيمان : هو ما حنث فيه الحالف ناسيا . 
ذكر من قال ذلك :  [ ص: 446 ] 
4465 - حدثني الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا هشيم  قال : أخبرني مغيرة  عن إبراهيم  قال : هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه ، يعني في قوله : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم   "  . 
قال أبو جعفر   : و" اللغو " من الكلام في كلام العرب ، كل كلام كان مذموما وسقطا لا معنى له مهجورا ، يقال منه : " لغا فلان في كلامه يلغو لغوا " إذا قال قبيحا من الكلام ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه   ) [ سورة القصص : 55 ] ، وقوله : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما   ) [ سورة الفرقان : 72 ] . ومسموع من العرب : " لغيت باسم فلان " ، بمعنى أولعت بذكره بالقبيح . فمن قال : " لغيت " ، قال : " ألغى لغا " ، وهي لغة لبعض العرب ، ومنه قول الراجز : 
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم 
فإذا كان " اللغو " ما وصفت ، وكان الحالف بالله : " ما فعلت كذا " وقد فعل " ولقد فعلت كذا " وما فعل - واصلا بذلك كلامه على سبيل سبوق لسانه من غير تعمد إثم في يمينه ، ولكن لعادة قد جرت له عند عجلة الكلام ، والقائل : " والله إن هذا لفلان " وهو يراه كما قال : أو : " والله ما هذا فلان! " وهو يراه ليس به ، والقائل : " ليفعلن كذا والله - أو : لا يفعل كذا والله " على سبيل ما وصفنا من عجلة الكلام وسبوق اللسان للعادة ، على غير تعمد  [ ص: 447 ] حلف على باطل ، والقائل : " هو مشرك ، أو هو يهودي أو نصراني ، إن لم يفعل كذا - أو إن فعل كذا " من غير عزم على كفر أو يهودية أو نصرانية ، جميعهم قائلون هجرا من القول وذميما من المنطق ، وحالفون من الأيمان بألسنتهم ما لم تتعمد فيه الإثم قلوبهم كان معلوما أنهم لغاة في أيمانهم ، لا تلزمهم كفارة في العاجل ، ولا عقوبة في الآجل ، لإخبار الله تعالى ذكره أنه غير مؤاخذ عباده ، بما لغوا من أيمانهم ، وأن الذي هو مؤاخذهم به ، ما تعمدت فيه الإثم قلوبهم . 
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه  " ، فأوجب الكفارة بإتيان الحالف ما حلف أن لا يأتيه ، مع وجوب إتيان الذي هو خير من الذي حلف عليه أن لا يأتيه ، وكانت الغرامة في المال - أو إلزام الجزاء من المجزي أبدال الجازين لا شك عقوبة كبعض العقوبات التي جعلها الله تعالى ذكره نكالا لخلقه فيما تعدوا من حدوده ، وإن كان  [ ص: 448 ] يجمع جميعها أنها تمحيص وكفارات لمن عوقب بها فيما عوقبوا عليه ، كان بينا أن من ألزم الكفارة في عاجل دنياه فيما حلف به من الأيمان فحنث فيه ، وإن كانت كفارة لذنبه ، فقد واخذه الله بها بإلزامه إياه الكفارة منها ، وإن كان ما عجل من عقوبته إياه على ذلك ، مسقطا عنه عقوبته في آجله . وإذ كان تعالى ذكره قد واخذه بها ، فغير جائز لقائل أن يقول وقد واخذه بها : هي من اللغو الذي لا يؤاخذ به قائله . 
فإذ كان ذلك غير جائز ، فبين فساد القول الذي روي عن سعيد بن جبير  أنه قال : " اللغو الحلف على المعصية  " ، لأن ذلك لو كان كذلك ، لم يكن على الحالف على معصية الله كفارة بحنثه في يمينه . وفي إيجاب سعيد  عليه الكفارة ، دليل واضح على أن صاحبها بها مؤاخذ ، لما وصفنا من أن من لزمه الكفارة في يمينه ، فليس ممن لم يؤاخذ بها . 
فإذا كان " اللغو " هو ما وصفنا مما أخبرنا الله تعالى ذكره أنه غير مؤاخذنا به - وكل يمين لزمت صاحبها بحنثه فيها الكفارة في العاجل ، أو أوعد الله تعالى ذكره صاحبها العقوبة عليها في الآجل ، وإن كان وضع عنه كفارتها في العاجل - فهي مما كسبته قلوب الحالفين ، وتعمدت فيه الإثم نفوس المقسمين . وما عدا ذلك فهو " اللغو " ، وقد بينا وجوهه؛ فتأويل الكلام إذا : لا تجعلوا الله أيها المؤمنون قوة لأيمانكم ، وحجة لأنفسكم في إقسامكم ، في أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس ، فإن الله لا يؤاخذكم بما لغته ألسنتكم من أيمانكم فنطقت به من قبيح  [ ص: 449 ] الأيمان وذميمها ، على غير تعمدكم الإثم ، وقصدكم بعزائم صدوركم إلى إيجاب عقد الأيمان التي حلفتم بها ، ولكنه إنما يؤاخذكم بما تعمدتم فيه عقد اليمين وإيجابها على أنفسكم ، وعزمتم على الإتمان على ما حلفتم عليه بقصد منكم وإرادة ، فيلزمكم حينئذ إما كفارة في العاجل ، وإما عقوبة في الآجل . 
				
						
						
