القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( ويمدهم   )  
قال أبو جعفر :  اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( ويمدهم ) ، فقال بعضهم بما : 
364 - حدثني به موسى بن هارون ،  قال : حدثنا عمرو  ، قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي  في خبر ذكره ، عن أبي مالك ،  وعن أبي صالح ،  عن ابن عباس   -  [ ص: 307 ] وعن مرة  ، عن ابن مسعود  ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " يمدهم " يملي لهم . 
وقال آخرون بما : 
365 - حدثني به المثنى بن إبراهيم ،  قال : حدثنا سويد بن نصر  ، عن ابن المبارك  ، عن  ابن جريج  قراءة عن مجاهد   : " يمدهم " قال : يزيدهم . 
وكان بعض نحويي البصرة  يتأول ذلك أنه بمعنى : يمد لهم ، ويزعم أن ذلك نظير قول العرب : الغلام يلعب الكعاب ، يراد به يلعب بالكعاب . قال : وذلك أنهم قد يقولون : " قد مددت له وأمددت له " في غير هذا المعنى ، وهو قول الله تعالى ذكره : ( وأمددناهم ) [ سورة الطور : 22 ] ، وهذا من : " مددناهم " قال : ويقال : قد " مد البحر فهو ماد " و " أمد الجرح فهو ممد " وحكي عن يونس الجرمي  أنه كان يقول : ما كان من الشر فهو " مددت " وما كان من الخير فهو " أمددت " ثم قال : وهو كما فسرت لك ، إذا أردت أنك تركته فهو " مددت له " وإذا أردت أنك أعطيته قلت : " أمددت " 
وأما بعض نحويي الكوفة فإنه كان يقول : كل زيادة حدثت في الشيء من نفسه فهو " مددت " بغير ألف ، كما تقول : " مد النهر ، ومده نهر آخر غيره " إذا اتصل به فصار منه ، وكل زيادة أحدثت في الشيء من غيره فهو بألف ، كقولك : " أمد الجرح " لأن المدة من غير الجرح ، وأمددت الجيش بمدد . 
وأولى هذه الأقوال بالصواب في قوله : " ويمدهم " : أن يكون بمعنى يزيدهم ، على وجه الإملاء والترك لهم في عتوهم وتمردهم ، كما وصف ربنا أنه فعل بنظرائهم في قوله  [ ص: 308 ]  ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون   ) [ سورة الأنعام : 110 ] ، يعني نذرهم ونتركهم فيه ، ونملي لهم ليزدادوا إثما إلى إثمهم . 
ولا وجه لقول من قال : ذلك بمعنى " يمد لهم " لأنه لا تدافع بين العرب وأهل المعرفة بلغتها أن يستجيزوا قول القائل : " مد النهر نهر آخر " بمعنى : اتصل به فصار زائدا ماء المتصل به بماء المتصل - من غير تأول منهم . ذلك أن معناه : مد النهر نهر آخر . فكذلك ذلك في قول الله : ( ويمدهم في طغيانهم يعمهون   ) 
				
						
						
