القول في أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ( 286 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " أنت مولانا " أنت ولينا بنصرك ، دون من عاداك وكفر بك ، لأنا مؤمنون بك ، ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا ، فأنت ولي من أطاعك ، وعدو من كفر بك فعصاك " فانصرنا " لأنا حزبك [ ص: 142 ] " على القوم الكافرين " الذين جحدوا وحدانيتك ، وعبدوا الآلهة والأنداد دونك ، وأطاعوا في معصيتك الشيطان .
و " المولى " في هذا الموضع " المفعل " من : " ولي فلان أمر فلان ، فهو يليه ولاية ، وهو وليه ومولاه " . وإنما صارت " الياء " من " ولى " " ألفا " لانفتاح " اللام " قبلها ، التي هي عين الاسم .
وقد ذكروا أن الله - عز وجل - لما أنزل هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استجاب الله له في ذلك كله .
ذكر الأخبار التي جاءت بذلك :
6534 - حدثني المثنى بن إبراهيم ومحمد بن خلف قالا حدثنا آدم قال : حدثنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه " قال : قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انتهى إلى قوله : " غفرانك ربنا " قال الله - عز وجل - : " قد غفرت لكم . فلما قرأ : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال الله - عز وجل - : لا أحملكم . فلما قرأ : " واغفر لنا " قال الله تبارك وتعالى : قد غفرت لكم . فلما قرأ : " وارحمنا " قال الله - عز وجل - : " قد رحمتكم " فلما قرأ : " وانصرنا على القوم الكافرين " قال الله - عز وجل - : قد نصرتكم عليهم . [ ص: 143 ] لما نزلت هذه الآية : "
6535 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك قال : جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، قل : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقالها ، فقال جبريل : قد فعل . وقال له جبريل : قل : " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " فقالها ، فقال جبريل : قد فعل . فقال : قل " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " فقالها ، فقال جبريل - صلى الله عليه وسلم - : قد فعل . فقال : قل : " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " فقالها ، فقال جبريل : قد فعل . [ ص: 144 ] أتى
6536 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط قال : زعم السدي أن هذه الآية حين نزلت : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال له جبريل : فعل ذلك يا محمد " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " فقال له جبريل في كل ذلك : فعل ذلك يا محمد .
6537 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وحدثنا وكيع سفيان قال : حدثنا أبي عن سفيان عن آدم بن سليمان ، مولى خالد قال سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أنزل الله - عز وجل - : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه " إلى قوله : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقرأ : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال فقال : قد فعلت " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " فقال : قد فعلت " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " قال : قد فعلت " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " قال : قد فعلت .
6538 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن سليمان عن مصعب بن ثابت عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه ، عن قال : أبي هريرة ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال : أبي : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله - عز وجل - : نعم . أبو هريرة أنزل الله - عز وجل - : "
6539 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد عن سفيان عن آدم بن [ ص: 145 ] سليمان عن سعيد بن جبير : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال ويقول : قد فعلت " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " قال ويقول : قد فعلت . فأعطيت هذه الأمة خواتيم " سورة البقرة " ولم تعطها الأمم قبلها .
6540 - حدثنا قال : حدثنا علي بن حرب الموصلي ابن فضيل قال : حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله - عز وجل - : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه " إلى قوله : " غفرانك ربنا " قال : قد غفرت لكم " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " إلى قوله : " لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال : لا أؤاخذكم " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " قال : لا أحمل عليكم إلى قوله : " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا " إلى آخر السورة ، قال : قد عفوت عنكم وغفرت لكم ، ورحمتكم ، ونصرتكم على القوم الكافرين . [ ص: 146 ] وروي عن الضحاك بن مزاحم أن إجابة الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة :
6541 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ قال أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " : كان جبريل عليه السلام يقول له : سلها ! فسألها نبي الله ربه جل ثناءه ، فأعطاه إياها ، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة . قوله : "
6542 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن أبي إسحاق : أن معاذا كان إذا فرغ من هذه السورة : " وانصرنا على القوم الكافرين " قال : آمين . آخر تفسير سورة البقرة