القول في ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأه عامة أهل المدينة والحجاز والبصرة والكوفة وسائر قرأة الأمصار : ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط ) ، بمعنى القتل .
وقرأه بعض المتأخرين من قرأة الكوفة : ( ويقاتلون ) ، بمعنى القتال ، تأولا منه قراءة وادعى أن ذلك في مصحف عبد الله بن مسعود ، عبد الله : ( وقاتلوا ) ، فقرأ الذي وصفنا أمره من القراءة بذلك التأويل : ( ويقاتلون ) .
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه : " ويقتلون " لإجماع الحجة من القرأة عليه به ، مع مجيء التأويل من أهل التأويل بأن ذلك تأويله . [ ص: 285 ]
ذكر من قال ذلك :
6777 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين في قول الله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل فيذكرون [ قومهم ] - ولم يكن يأتيهم كتاب - فيقتلون ، فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم ، فيذكرون قومهم فيقتلون ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .
6778 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة ، في قوله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : هؤلاء أهل الكتاب ، كان أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكرونهم ، فيقتلونهم .
6779 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال في قوله : " ابن جريج إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان ناس من بني إسرائيل ممن لم يقرأ الكتاب ، كان الوحي يأتي إليهم فيذكرون قومهم فيقتلون على ذلك ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .
6780 - حدثني أبو عبيد الوصابي محمد بن حفص قال : حدثنا ابن حمير قال : حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي قال : أبي عبيدة بن الجراح [ ص: 286 ] قال : " رجل قتل نبيا ، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " إلى أن انتهى إلى " وما لهم من ناصرين " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة ! فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم ، وهم الذين ذكر الله - عز وجل - . قلت : يا رسول الله ،
قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ، ويقتلون آمريهم بالعدل في أمر الله ونهيه ، الذين ينهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب معاصيه .