القول في تأويل قوله - جل ثناؤه - ( فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم   ) 
قال أبو جعفر   : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " فلما وضعتها " فلما وضعت حنة النذيرة ،  ولذلك أنث . ولو كانت " الهاء " عائدة على " ما " التي في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " لكان الكلام : " فلما وضعته قالت رب إني وضعته أنثى " . 
ومعنى قوله : ( وضعتها ) " ولدتها . يقال منه : " وضعت المرأة تضع وضعا " .  [ ص: 334 ] 
" قالت رب إني وضعتها أنثى  أي : ولدت النذيرة أنثى " والله أعلم بما وضعت " . 
واختلف القرأة في قراءة ذلك . 
فقرأته عامة القرأة : ( وضعت ) خبرا من الله - عز وجل - عن نفسه : أنه العالم بما وضعت من غير قيلها : " رب إني وضعتها أنثى   " . 
وقرأ ذلك بعض المتقدمين : " والله أعلم بما وضعت على وجه الخبر بذلك عن أم مريم  أنها هي القائلة : " والله أعلم بما ولدت مني " . 
قال أبو جعفر   : وأولى القراءتين بالصواب ما نقلته الحجة مستفيضة فيها قراءته بينها ، لا يتدافعون صحتها . وذلك قراءة من قرأ " والله أعلم بما وضعت " ولا يعترض بالشاذ عنها عليها . 
فتأويل الكلام إذا : والله أعلم من كل خلقه بما وضعت ثم رجع - جل ذكره - إلى الخبر عن قولها ، وأنها قالت - اعتذارا إلى ربها مما كانت نذرت في حملها فحررته لخدمة ربها - : " وليس الذكر كالأنثى " ؛ لأن الذكر أقوى على الخدمة وأقوم بها ، وأن الأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدس والقيام بخدمة الكنيسة  ؛ لما يعتريها من الحيض والنفاس " وإني سميتها مريم   " كما : - 
6877 - حدثني ابن حميد  قال : ثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق ،  عن محمد بن جعفر بن الزبير   : " فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى   " أي : لما جعلتها محررا له نذيرة . 
6878 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  قال : حدثني ابن إسحاق   :  [ ص: 335 ]  " وليس الذكر كالأنثى   " لأن الذكر هو أقوى على ذلك من الأنثى . 
6879 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة   : " وليس الذكر كالأنثى   " كانت المرأة لا يستطاع أن يصنع بها ذلك - يعني - أن تحرر للكنيسة فتجعل فيها تقوم عليها وتكنسها فلا تبرحها مما يصيبها من الحيض والأذى ، فعند ذلك قالت : " ليس الذكر كالأنثى   " . 
6880 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة   : " قالت رب إني وضعتها أنثى   " وإنما كانوا يحررون الغلمان - قال : " وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم   " . 
6881 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع  قال : كانت امرأة عمران  حررت لله ما في بطنها ، وكانت على رجاء أن يهب لها غلاما ؛ لأن المرأة لا تستطيع ذلك - يعني - القيام على الكنيسة لا تبرحها ، وتكنسها لما يصيبها من الأذى . 
6882 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : أن امرأة عمران  ظنت أن ما في بطنها غلام ، فوهبته لله . فلما وضعت إذا هي جارية ، فقالت تعتذر إلى الله : " رب إني وضعتها أنثى  ، وليس الذكر كالأنثى   " تقول : إنما يحرر الغلمان . يقول الله : " والله أعلم بما وضعت   " فقالت : " وإني سميتها مريم   " .  [ ص: 336 ] 
6883 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن القاسم بن أبي بزة   : أنه أخبره عن عكرمة  وأبي بكر ،  عن عكرمة   : " فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى   " " وليس الذكر كالأنثى   " يعني : في المحيض ، ولا ينبغي لامرأة أن تكون مع الرجال . أمها تقول ذلك . 
				
						
						
