[ ص: 189 ]   (   ( قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا     ( 66 ) قال إنك لن تستطيع معي صبرا    ( 67 ) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا    ( 68 ) قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا    ( 69 ) قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا    ( 70 ) فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا    ( 71 ) ) 
فلما ( قال له موسى هل أتبعك    ) يقول : جئتك لأتبعك وأصحبك ( على أن تعلمني مما علمت رشدا ) قرأ أبو عمرو  ويعقوب    : " رشدا " بفتح الراء والشين وقرأ الآخرون بضم الراء وسكون الشين أي صوابا وقيل : علما ترشدني به . 
وفي بعض الأخبار أنه لما قال له موسى  هذا قال له الخضر    : كفى بالتوراة علما وببني إسرائيل  شغلا فقال له موسى    : إن الله أمرني بهذا فحينئذ : ( قال إنك لن تستطيع معي صبرا    ) ( قال ) له الخضر    ( إنك لن تستطيع معي صبرا ) وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أمورا منكرة ولا يجوز للأنبياء أن يصبروا على المنكرات    . ثم بين عذره في ترك الصبر فقال : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا    ) أي علما . ( قال ) موسى    ( ستجدني إن شاء الله صابرا    ) إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر ( ولا أعصي لك أمرا    ) أي : لا أخالفك فيما تأمر . ( قال فإن اتبعتني    ) فإن صحبتني ولم يقل : اتبعني ولكن جعل الاختيار إليه إلا أنه شرط عليه شرطا فقال : ( فلا تسألني ) قرأأبو جعفر  ونافع  وابن عامر  بفتح اللام وتشديد النون والآخرون بسكون اللام وتخفيف النون ( عن شيء ) أعمله مما تنكره ولا تعترض عليه ( حتى أحدث لك منه ذكرا    ) حتى أبتدئ لك بذكره فأبين لك شأنه . ( فانطلقا ) يمشيان على الساحل يطلبان سفينة يركبانها فوجدا سفينة فركباها فقال أهل السفينة : هؤلاء لصوص وأمروهما بالخروج فقال صاحب السفينة : ما هم بلصوص ولكني أرى وجوه الأنبياء . 
وروينا عن أبي بن كعب  عن النبي صلى الله عليه وسلم : " مرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا   [ ص: 190 ] الخضر  فحملوهم بغير نول فلما لججوا البحر أخذ الخضر  فأسا فخرق لوحا من السفينة    " فذلك قوله تعالى : 
( حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال    ) له موسى    ( أخرقتها لتغرق أهلها    ) قرأ حمزة   والكسائي    : " ليغرق " بالياء وفتحها وفتح الراء " أهلها " بالرفع على اللزوم وقرأ الآخرون : بالتاء ورفعها وكسر الراء ( أهلها ) بالنصب على أن الفعل للخضر . 
( لقد جئت شيئا إمرا    ) أي : منكرا والإمر في كلام العرب الداهية وأصله : كل شيء شديد كثير يقال : أمر القوم : إذا كثروا واشتد أمرهم . 
وقال القتيبي    ( إمرا ) أي : عجبا . 
وروي أن الخضر لما خرق السفينة لم يدخلها الماء . وروي أن موسى  لما رأى ذلك أخذ ثوبه فحشى به الخرق . وروي أن الخضر  أخذ قدحا من الزجاج ورقع به خرق السفينة . 
				
						
						
