[ ص: 323 ]   ( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون     ( 52 ) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين    ( 53 ) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين    ( 54 ) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين    ( 55 ) قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين    ( 56 ) وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين    ( 57 ) ) 
( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل ) أي : الصور ، يعني الأصنام ( التي أنتم لها عاكفون    ) أي : على عبادتها مقيمون . ( قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين    ) فاقتدينا بهم . ( قال ) إبراهيم  ، ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين    ) خطأ بين بعبادتكم إياها . ( قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين    ) يعنون أجاد أنت فيما تقول أم [ أنت من اللاعبين؟ ] . ( قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن    ) خلقهن ، ( وأنا على ذلكم من الشاهدين    ) أي : على أنه الإله الذي لا يستحق العبادة غيره . وقيل : من الشاهدين على أنه خالق السموات والأرض . ( وتالله لأكيدن أصنامكم    ) لأمكرن بها ، ( بعد أن تولوا مدبرين    ) أي : بعد أن تدبروا منطلقين إلى عيدكم . 
قال مجاهد  وقتادة    : إنما قال إبراهيم  هذا سرا من قومه ولم يسمع ذلك إلا رجل واحد فأفشاه عليه ، وقال : إنا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم    . 
قال  السدي    : كان لهم في كل سنة مجمع وعيد وكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها ، ثم عادوا إلى منازلهم ، فلما كان ذلك العيد قال أبو إبراهيم  له : يا إبراهيم  لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا ، فخرج معهم إبراهيم  ، فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه ، وقال إني   [ ص: 324 ] سقيم ، يقول أشتكي رجلي فلما مضوا نادى في آخرهم وقد بقي ضعفاء الناس ، ( وتالله لأكيدن أصنامكم    ) فسمعوها منه ، ثم رجع إبراهيم  إلى بيت الآلهة وهن في بهو عظيم ، مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه ، والأصنام بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه إلى باب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاما فوضعوه بين يدي الآلهة ، وقالوا : إذا رجعنا وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلنا ، فلما نظر إليهم إبراهيم  وإلى ما بين أيديهم من الطعام ، قال لهم : على طريق الاستهزاء ألا تأكلون؟ ، فلما لم تجبه قال : ما لكم لا تنطقون؟ . فراغ عليهم ضربا باليمين ، وجعل يكسرهن في يده حتى إذا لم يبق إلا الصنم الأكبر علق الفأس في عنقه ثم خرج فذلك قوله عز وجل   . 
				
						
						
