( يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد ( 12 ) يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ( 13 ) )
( يدعو من دون الله ما لا يضره ) إن عصاه ولم يعبده ( وما لا ينفعه ) إن أطاعه وعبده ( ذلك هو الضلال البعيد ) عن الحق والرشد ( يدعو لمن ضره أقرب من نفعه ) هذه الآية من مشكلات القرآن وفيها أسئلة
أولها قالوا قد قال الله في الآية الأولى " يدعو من دون الله ما لا يضره " وقال هاهنا " لمن ضره أقرب " فكيف التوفيق بينهما؟
قيل قوله في الآية الأولى " يدعو من دون الله ما لا يضره " أي لا يضره ترك عبادته وقوله " لمن ضره أقرب " أي ضر عبادته
فإن قيل قد قال " لمن ضره أقرب من نفعه " ولا نفع في عبادة الصنم أصلا؟
قيل هذا على عادة العرب فإنهم يقولون لما لا يكون أصلا بعيد كقوله تعالى : ( ذلك رجع بعيد ) ( ق : 3 ) أي لا رجع أصلا فلما كان نفع الصنم بعيدا على معنى أنه لا نفع فيه أصلا قيل ضره أقرب لأنه كائن
السؤال الثالث قوله ( لمن ضره أقرب ) ما وجه هذه اللام؟ اختلفوا فيه فقال بعضهم هي صلة ، مجازها يدعو من ضره أقرب وكذلك قرأها ابن مسعود . وقيل " لمن ضره " أي إلى الذي ضره أقرب من نفعه وقيل " يدعو " بمعنى يقول والخبر محذوف أي يقول لمن ضره أقرب من نفعه هو إله [ ص: 370 ]
وقيل معناه يدعو لمن ضره أقرب من نفعه يدعو فحذف يدعو الأخيرة اجتزاء بالأولى ولو قلت يضرب لمن خيره أكثر من شره يضرب ثم يحذف الأخير جاز
وقيل على التوكيد ، معناه يدعو والله لمن ضره أقرب من نفعه
وقيل " يدعو من " صلة قوله " ذلك هو الضلال البعيد " يقول ذلك هو الضلال البعيد يدعو ثم استأنف فقال : " لمن ضره أقرب من نفعه " فيكون " من " في محل رفع بالابتداء وخبره ( لبئس المولى ) أي الناصر وقيل المعبود . ( ولبئس العشير ) أي الصاحب والمخالط يعني الوثن والعرب تسمي الزوج عشيرا لأجل المخالطة .