( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا     ( 20 ) ) 
قوله - عز وجل - : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين    ) يا محمد  ، ( إلا إنهم ليأكلون الطعام    ) روى الضحاك  عن ابن عباس  قال : لما عير المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، أنزل الله - عز وجل - هذه الآية . يعني : ما أنا إلا رسول وما كنت بدعا من الرسل ، وهم كانوا بشرا يأكلون الطعام ،   ( ويمشون في الأسواق    ) وقيل : معناه وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل لهم مثل هذا أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كما قال في موضع آخر : ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك    ( فصلت - 43 ) . 
( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة    ) أي بلية ، فالغني فتنة للفقير  ، يقول الفقير : ما لي لم أكن مثله ؟ والصحيح فتنة للمريض ، والشريف فتنة للوضيع . وقال ابن عباس    : أي جعلت بعضكم بلاء لبعض لتصبروا على ما تسمعون منهم ، وترون من خلافهم ، وتتبعوا الهدى . وقيل : نزلت في ابتلاء الشريف بالوضيع; وذلك أن الشريف إذا أراد أن يسلم فرأى الوضيع قد أسلم قبله أنف ، وقال : أسلم بعده فيكون له علي السابقة والفضل ؟ ! فيقيم على كفره ويمتنع من الإسلام ، فذلك افتتان بعضهم ببعض ، وهذا قول الكلبي  وقال مقاتل    : نزلت في أبي جهل  ،  والوليد بن عقبة  ، والعاص بن وائل  ، والنضر بن الحارث;  وذلك أنهم لما رأوا أبا ذر  ،  وابن مسعود ،  وعمارا  ، وبلالا  وصهيبا  ، وعامر بن فهيرة ،  وذويهم ، قالوا : نسلم فنكون مثل هؤلاء ؟ . وقال : نزلت في ابتلاء فقراء المؤمنين بالمستهزئين من قريش  ، كانوا يقولون : انظروا إلى هؤلاء   [ ص: 78 ] الذين اتبعوا محمدا  من موالينا وأراذلنا ، فقال الله تعالى لهؤلاء المؤمنين : ( أتصبرون    ) يعني على هذه الحالة من الفقر والشدة والأذى . 
( وكان ربك بصيرا    ) بمن صبر وبمن جزع . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي  ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن ،  أخبرنا أبو العباس الأصم  ، حدثنا زكريا بن يحيى المروزي ،  حدثنا سفيان بن عيينة ،  عن  أبي الزناد  عن  الأعرج ،  عن  أبي هريرة  يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :   " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والجسم فلينظر إلى من دونه في المال والجسم "   . 
				
						
						
