( قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل     ( 28 ) ) 
( قال ) موسى ،    ( ذلك بيني وبينك ) يعني : هذا الشرط بيني وبينك ، فما شرطت علي فلك وما شرطت من تزويج إحداهما فلي ، والأمر بيننا ، تم الكلام ، ثم قال : ( أيما الأجلين قضيت ) يعني : أي الأجلين : و " ما " صلة ، " قضيت " : أتممت وفرغت منه ، الثمان أو العشر ، ( فلا عدوان علي ) لا ظلم علي بأن أطالب بأكثر منهما ، ( والله على ما نقول وكيل    ) قال ابن عباس  ومقاتل    : شهيد فيما بيني وبينك . وقيل : حفيظ . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ،  أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ،  أخبرنا محمد بن يوسف ،  أخبرنا  محمد بن إسماعيل ،  أخبرنا محمد بن عبد الرحيم ،  أخبرنا سعيد بن سليمان ،  أخبرنا مروان بن شجاع ،  عن سالم الأفطس ،  عن سعيد بن جبير ،  قال : سألني يهودي من أهل الحيرة    : أي الأجلين قضى موسى ؟  قلت : لا أدري حتى أقدم على خير العرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس  قال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل وروي عن أبي ذر  مرفوعا : إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى ؟  فقل : خيرهما وأبرهما ، وإذا سئلت : فأي المرأتين تزوج ؟ فقل : الصغرى منهما ، وهي التي جاءت ، فقالت يا أبت استأجره ، فتزوج أصغرهما وقضى أوفاهما . 
 [ ص: 204 ] 
وقال وهب    : أنكحه الكبرى . وروي عن شداد بن أوس  مرفوعا : بكى شعيب  النبي - صلى الله عليه وسلم - من حب الله - عز وجل - حتى عمي فرد الله عليه بصره ، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ، فقال الله : ما هذا البكاء ؟ أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار ؟ قال : لا يا رب ، ولكن شوقا إلى لقائك ، فأوحى الله إليه إن يكن ذلك فهنيئا لك لقائي يا شعيب  ، لذلك أخدمتك موسى  كليمي   . 
ولما تعاقدا هذا العقد بينهما أمر شعيب  ابنته أن تعطي موسى  عصا يدفع بها السباع عن غنمه ، واختلفوا في تلك العصا; قال عكرمة    : خرج بها آدم  من الجنة فأخذها جبريل  بعد موت آدم  فكانت معه حتى لقي بها موسى  ليلا فدفعها إليه . وقال آخرون : كانت من آس الجنة ، حملها آدم من الجنة فتوارثها الأنبياء ، وكان لا يأخذها غير نبي إلا أكلته ، فصارت من آدم  إلى نوح ،  ثم إلى إبراهيم  حتى وصلت إلى شعيب ،  فكانت عصا الأنبياء عنده فأعطاها موسى    . وقال  السدي    : كانت تلك العصا استودعها إياه ملك في صورة رجل ، فأمر ابنته أن تأتيه بعصا فدخلت فأخذت العصا فأتته بها ، فلما رآها شعيب  قال لها : ردي هذه العصا ، وأتيه بغيرها ، فألقتها وأرادت أن تأخذ غيرها فلا يقع في يدها إلا هي ، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات فأعطاها موسى   [ ص: 205 ] فأخرجها موسى  معه ، ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة ، فذهب في أثره ، وطلب أن يرد العصا فأبى موسى  أن يعطيه . وقال : هي عصاي ، فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما ، فلقيهما ملك في صورة رجل فحكم أن يطرح العصا فمن حملها فهي له ، فطرح موسى  العصا فعالجها الشيخ ليأخذها فلم يطقها ، فأخذها موسى  بيده فرفعها فتركها له الشيخ . 
ثم إن موسى  لما أتم الأجل وسلم شعيب ،  ابنته إليه ، قال موسى  للمرأة : اطلبي من أبيك أن يجعل لنا بعض الغنم ، فطلبت من أبيها ، فقال شعيب    : لكما كل ما ولدت هذا العام على غير شيتها . وقيل : أراد شعيب  أن يجازي موسى  على حسن رعيته إكراما له وصلة لابنته ، فقال له إني قد وهبت لك من الجدايا التي تضعها أغنامي هذه السنة كل أبلق وبلقاء ، فأوحى الله إلى موسى  في المنام أن اضرب بعصاك الماء الذي في مستقى الأغنام قال : فضرب موسى  بعصاه الماء ثم سقى الأغنام منه فما أخطأت واحدة منها إلا وضعت حملها ما بين أبلق وبلقاء فعلم شعيب  أن ذلك رزق ساقه الله - عز وجل - إلى موسى  وامرأته فوفى له شرطه وسلم الأغنام إليه   . 
				
						
						
