( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور     ( 17 ) وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين   ( 18 ) ) 
( ذلك جزيناهم بما كفروا    ) أي : ذلك الذي فعلنا بهم جزيناهم بكفرهم ( وهل نجازي إلا الكفور    ) قرأ حمزة  ،  والكسائي  ، وحفص  ، ويعقوب    : " وهل نجازي " بالنون وكسر الزاي ، " الكفور " نصب لقوله : " ذلك جزيناهم " ، وقرأ الآخرون بالياء وفتح الزاي ، " الكفور " رفع ، أي : وهل يجازى مثل هذا الجزاء إلا الكفور . 
وقال مجاهد    : يجازى أي : يعاقب . ويقال في العقوبة : يجازي ، وفي المثوبة يجزي . 
قال مقاتل    : هل يكافأ بعمله السيء إلا الكفور لله في نعمه . 
قال الفراء    : المؤمن يجزى ولا يجازى ، أي : يجزى للثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته . ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها    ) بالماء والشجر ، هي قرى الشام ( قرى ظاهرة    ) متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها ، وكان متجرهم من اليمن  إلى الشام  فكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سبأ  إلى الشام    . 
وقيل : كانت قراهم أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ  إلى الشام    . 
( وقدرنا فيها السير    ) أي : قدرنا سيرهم بين هذه القرى ، وكان مسيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم ، [ فإذا ساروا نصف يوم ] وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار . 
 [ ص: 396 ] وقال قتادة    : كانت المرأة تخرج ومعها مغزلها ، وعلى رأسها مكتلها فتمتهن بمغزلها فلا تأتي بيتها حتى يمتلىء مكتلها من الثمار ، وكان ما بين اليمن  والشام  كذلك . 
( سيروا فيها    ) أي : وقلنا لهم سيروا فيها ، وقيل : هو أمر بمعنى الخبر أي : مكناهم من السير فكانوا يسيرون فيها ( ليالي وأياما    ) أي : بالليالي والأيام في أي وقت شئتم ) ( آمنين ) لا تخافون عدوا ولا جوعا ولا عطشا ، فبطروا وطغوا ولم يصيروا على العافية ، وقالوا : لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيه . 
				
						
						
