( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين     ( 46 ) وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين    ( 47 ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين    ( 48 ) ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون    ( 49 ) ) 
( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم    ) أي : دلالة على صدق محمد    - صلى الله عليه وسلم - ( إلا كانوا عنها معرضين    ) . ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله    ) أعطاكم الله ( قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم    ) أنرزق ( من لو يشاء الله أطعمه    ) وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة    : أنفقوا على المساكين مما زعمتم من أموالكم أنه لله ، وهو ما جعلوا لله من حروثهم وأنعامهم ، قالوا : أنطعم : أنرزق من لو يشاء الله رزقه ، ثم لم يرزقه مع قدرته عليه ، فنحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله ، وهذا مما يتمسك به البخلاء ، يقولون : لا نعطي من حرمه الله . وهذا الذي يزعمون باطل ; لأن الله أغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاء ، فمنع الدنيا من الفقير لا بخلا ، وأمر الغني بالإنفاق لا حاجة إلى ماله ، ولكن ليبلو الغني بالفقير فيما فرض له في مال الغني ، ولا اعتراض لأحد على مشيئة الله وحكمه في خلقه ( إن أنتم إلا في ضلال مبين    ) يقول الكفار للمؤمنين : ما أنتم إلا في خطأ بين في اتباعكم محمدا    - صلى الله عليه وسلم - وترك ما نحن عليه . ( ويقولون متى هذا الوعد    ) أي : القيامة والبعث ( إن كنتم صادقين    ) . 
قال الله تعالى : ) ( ما ينظرون ) أي : ما ينتظرون ( إلا صيحة واحدة    ) قال ابن عباس    : يريد النفخة الأولى ( تأخذهم وهم يخصمون    ) يعني : يختصمون في أمر الدنيا من البيع والشراء ، ويتكلمون في المجالس والأسواق . 
قرأ حمزة    : " يخصمون " بسكون الخاء وتخفيف الصاد ، أي : يغلب بعضهم بعضا بالخصام ، وقرأ الآخرون بتشديد الصاد ، أي : يختصمون . أدغمت التاء في الصاد ، ثم ابن كثير  ويعقوب   وورش  يفتحون الخاء بنقل حركة التاء المدغمة إليها ، ويجزمها أبو جعفر  وقالون ، ويروم فتحة الخاء أبو عمرو ،  وقرأ الباقون بكسر الخاء .   [ ص: 21 ] 
وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها   " . 
				
						
						
