[ ص: 60 ]   ( إذ أبق إلى الفلك المشحون    ( 140 ) فساهم فكان من المدحضين    ( 141 ) فالتقمه الحوت وهو مليم    ( 142 ) فلولا أنه كان من المسبحين    ( 143 ) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون    ( 144 ) فنبذناه بالعراء وهو سقيم    ( 145 ) ) 
)   ( إذ أبق إلى الفلك المشحون     ) يعني : هرب . 
قال ابن عباس    - رضي الله عنهما - ووهب    : كان يونس  وعد قومه العذاب ، فلما تأخر عنهم العذاب خرج كالمشور منهم ، فقصد البحر فركب السفينة ، فاحتبست السفينة فقال الملاحون : هاهنا عبد آبق من سيده ، فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس  ، فاقترعوا ثلاثا فوقعت على يونس  ، فقال يونس    : أنا الآبق ، وزج نفسه في الماء   . 
وروي في القصة : أنه لما وصل إلى البحر كانت معه امرأته وابنان له ، فجاء مركب فأراد أن يركب معهم فقدم امرأته ليركب بعدها ، فحال الموج بينه وبين المركب ومر المركب ، ثم جاءت موجة أخرى وأخذت ابنه الأكبر وجاء ذئب فأخذ الابن الأصغر ، فبقي فريدا ، فجاء مركب آخر فركبه فقعد ناحية من القوم ، فلما مرت السفينة في البحر ركدت ، فاقترعوا ، وقد ذكرنا القصة في سورة يونس    . 
فذلك قوله عز وجل : ) ( فساهم ) فقارع ، والمساهمة : إلقاء السهام على جهة القرعة ، ( فكان من المدحضين    ) المقروعين . 
( فالتقمه الحوت    ) ابتلعه ، ( وهو مليم    ) آت بما يلام عليه . 
( فلولا أنه كان من المسبحين    ) من الذاكرين لله قبل ذلك ، وكان كثير الذكر . وقال ابن عباس    : من المصلين . وقال وهب    : من العابدين . وقال الحسن    : ما كانت له صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملا صالحا . وقال الضحاك    : شكر الله تعالى له طاعته القديمة . 
وقيل : " فلولا أنه كان من المسبحين    " في بطن الحوت . قال سعيد بن جبير    : يعني قوله : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين    " ( الأنبياء - 87 ) . 
( للبث في بطنه إلى يوم يبعثون    ) لصار بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة . 
) ( فنبذناه ) طرحناه ، ) ( بالعراء ) يعني : على وجه الأرض ، قال  السدي    : بالساحل ، والعراء : الأرض الخالية عن الشجر والنبات ) . ( وهو سقيم    ) عليل كالفرخ الممعط . وقيل : كان قد بلي لحمه ورق عظمه ولم يبق له قوة .   [ ص: 61 ] 
واختلفوا في مدة لبثه في بطن الحوت ، فقال مقاتل بن حيان    : ثلاثة أيام . وقال عطاء    : سبعة أيام . وقال الضحاك    : عشرين يوما . وقال  السدي  والكلبي   ومقاتل بن سليمان    : أربعين يوما . وقال الشعبي    : التقمه ضحى ولفظه عشية . 
				
						
						
