( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق     ( 18 ) والطير محشورة كل له أواب    ( 19 ) وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب    ( 20 ) ) 
( إنا سخرنا الجبال معه    ) كما قال : " وسخرنا مع داود الجبال    " ( الأنبياء - 79 ) ( يسبحن ) بتسبيحه ، ( بالعشي والإشراق    ) قال الكلبي    : غدوة وعشية . والإشراق : هو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوءها ، وفسره ابن عباس    : بصلاة الضحى . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرني ابن فنجويه  ، حدثنا ابن أبي شيبة  ، حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم  ، حدثنا الحجاج بن نصير  ، أخبرنا أبو بكر الهذلي  ، عن عطاء بن أبي رباح  ، عن ابن عباس  في قوله : " بالعشي والإشراق " قال : كنت أمر بهذه الآية لا أدري ما هي حتى حدثتني  أم هانئ بنت أبي طالب  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فدعا بوضوء فتوضأ ، ثم صلى الضحى ، فقال : " يا أم هانئ  هذه صلاة الإشراق   " . 
قوله عز وجل : ) ( والطير ) أي : وسخرنا له الطير ، ) ( محشورة ) مجموعة إليه تسبح معه ، ( كل له أواب    ) مطيع رجاع إلى طاعته بالتسبيح ، وقيل : أواب معه أي مسبح . 
( وشددنا ملكه    ) أي : قويناه بالحرس والجنود ، قال ابن عباس    : كان أشد ملوك الأرض سلطانا  ، كان يحرس محرابه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل .   [ ص: 77 ] 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرنا عبد الله بن حامد  ، أخبرنا محمد بن خالد بن الحسن  ، حدثنا داود بن سليمان  ، حدثنا محمد بن حميد  ، حدثنا محمد بن الفضل  ، حدثنا داود بن أبي الفرات  ، عن علي بن أحمد  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  أن رجلا من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داود    - عليه السلام - أن هذا غصبني بقرا ، فسأله داود  فجحد ، فقال للآخر : البينة ؟ فلم يكن له بينة ، فقال لهما داود    : قوما حتى أنظر في أمركما ، فأوحى الله إلى داود  في منامه أن يقتل الذي استعدى عليه ، فقال : هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت ، فأوحى الله إليه مرة أخرى فلم يفعل ، فأوحى الله إليه الثالثة أن يقتله أو تأتيه العقوبة ، فأرسل داود  إليه فقال : إن الله أوحى إلي أن أقتلك ، فقال : تقتلني بغير بينة ؟ قال داود    : نعم والله لأنفذن أمر الله فيك ، فلما عرف الرجل أنه قاتله ، قال : لا تعجل حتى أخبرك ، إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته ، فلذلك أخذت ، فأمر به داود  فقتل ، فاشتدت هيبة بني إسرائيل  عند ذلك لداود  ، واشتد به ملكه فذلك قوله عز وجل : " وشددنا ملكه    " . 
( وآتيناه الحكمة    ) يعني : النبوة والإصابة في الأمور ، ( وفصل الخطاب    ) قال ابن عباس    : بيان الكلام . 
وقال ابن مسعود  ، والحسن  ، والكلبي  ، ومقاتل    : علم الحكم والتبصر في القضاء . 
وقال  علي بن أبي طالب    : هو أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ؛ لأن كلام الخصوم ينقطع وينفصل به . 
ويروى ذلك عن أبي بن كعب  قال : فصل الخطاب الشهود والأيمان . وهو قول مجاهد   وعطاء بن أبي رباح    .   [ ص: 78 ] 
وروي عن الشعبي    : أن فصل الخطاب : هو قول الإنسان بعد حمد الله والثناء عليه : " أما بعد " إذا أراد الشروع في كلام آخر ، وأول من قاله داود  عليه السلام   . 
				
						
						
