( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ( 30 ) يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ( 31 ) )
( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) قال عطاء : كان دينهم اليهودية ، لذلك قالوا : إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى .
( يا قومنا أجيبوا داعي الله ) يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - ( وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ) " من " صلة ، أي ذنوبكم ( ويجركم من عذاب أليم ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : فاستجاب [ ص: 270 ] لهم من قومهم نحو من سبعين رجلا من الجن ، فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافقوه في البطحاء ، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم ، وفيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مبعوثا إلى الجن والإنس جميعا .
قال مقاتل : لم يبعث قبله نبي إلى الإنس والجن جميعا .
واختلف العلماء في فقال قوم : ليس لهم ثواب إلا نجاتهم من النار ، وتأولوا قوله : " حكم مؤمني الجن يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم " ، وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه .
وحكى سفيان عن ليث قال : الجن ثوابهم أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم : كونوا ترابا ، وهذا مثل البهائم .
وعن قال : إذا قضي بين الناس قيل لمؤمني الجن : عودوا ترابا ، فيعودون ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : " أبي الزناد يا ليتني كنت ترابا " ( النبأ - 40 ) .
وقال الآخرون : يكون لهم الثواب في الإحسان كما يكون عليهم العقاب في الإساءة كالإنس ، وإليه ذهب مالك . وابن أبي ليلى
وقال جرير عن الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون .
وذكر النقاش في " تفسيره " حديث أنهم يدخلون الجنة . فقيل : هل يصيبون من نعيمها ؟ قال : يلهمهم الله تسبيحه وذكره ، فيصيبون من لذته ما يصيبه بنو آدم من نعيم الجنة . وقال أرطاة بن المنذر : سألت ضمرة بن حبيب : هل للجن ثواب ؟ قال : نعم ، وقرأ : " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " ( الرحمن - 74 ) ، قال : فالإنسيات للإنس والجنيات للجن .
وقال عمر بن عبد العزيز : إن مؤمني الجن حول الجنة ، في ربض ورحاب ، وليسوا فيها .