[ ص: 287 ] ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ( 22 ) ( أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ( 23 ) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ( 24 ) إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ( 25 ) )
( فهل عسيتم ) فلعلكم ( إن توليتم ) أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه ( أن تفسدوا في الأرض ) تعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية فتفسدوا في الأرض بالمعصية والبغي وسفك الدماء ، وترجعوا إلى الفرقة بعد ما جمعكم الله بالإسلام . ( وتقطعوا أرحامكم ) قرأ يعقوب : " وتقطعوا " بفتح التاء خفيف ، والآخرون بالتشديد " وتقطعوا " من التقطيع ، على التكثير ، لأجل الأرحام ، قال قتادة : كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام ، وقطعوا الأرحام ، وعصوا الرحمن ؟ وقال بعضهم : هو من الولاية . وقال المسيب بن شريك والفراء : يقول فهل عسيتم إن وليتم أمر الناس أن تفسدوا في الأرض بالظلم ، نزلت في بني أمية وبني هاشم ، يدل عليه قراءة " توليتم " بضم التاء والواو وكسر اللام ، يقول : إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة وعاونتموهم . علي بن أبي طالب
( أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) عن الحق .
( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) فلا تفهم مواعظ القرآن وأحكامه ، و " أم " بمعنى " بل " .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا ، أنبأني أبو إسحاق الثعلبي عقيل بن محمد ، أخبرنا المعافى بن زكريا ، أخبرنا محمد بن جرير ، حدثنا بشر ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عن أبيه قال : هشام بن عروة تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " فقال شاب من أهل اليمن : بل على قلوب أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها ، فما زال الشاب في نفس عمر حتى ولي فاستعان به .
( إن الذين ارتدوا على أدبارهم ) رجعوا كفارا ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد ما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم . [ ص: 288 ]
وقال ابن عباس ، والضحاك ، : هم المنافقون . والسدي
( الشيطان سول لهم ) زين لهم القبيح ( وأملى لهم ) قرأ أهل البصرة بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على ما لم يسم فاعله ، وقرأ مجاهد بإرسال الياء على وجه الخبر من الله - عز وجل - عن نفسه أنه يفعل ذلك ، وتروى هذه القراءة عن يعقوب ، وقرأ الآخرون : " وأملى لهم " بفتح الألف ، أي : وأملى الشيطان لهم ، مد لهم في الأمل .