( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا     ( 21 ) ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا    ( 22 ) سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا    ( 23 ) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا    ( 24 ) ) 
قوله - عز وجل - : ( وأخرى لم تقدروا عليها    ) أي وعدكم الله فتح بلدة أخرى لم تقدروا عليها ( قد أحاط الله بها    ) حتى يفتحها لكم كأنه حفظها لكم ومنعها من غيركم حتى تأخذوها ، قال ابن عباس    : علم الله أنه يفتحها لكم . 
واختلفوا فيها ، فقال ابن عباس  ، والحسن  ومقاتل    : هي فارس  والروم  ، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس  والروم  ، بل كانوا خولا لهم حتى قدروا عليها بالإسلام . 
وقال الضحاك  وابن زيد    : هي خيبر  ، وعدها الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصيبها ، ولم يكونوا يرجونها . 
وقال قتادة    : هي مكة    . وقال عكرمة    : حنين    . وقال مجاهد    : ما فتحوا حتى اليوم . 
( وكان الله على كل شيء قديرا    ) . 
( ولو قاتلكم الذين كفروا    ) يعني : أسدا  ، وغطفان  ، وأهل خيبر ،    ( لولوا الأدبار    ) [ لانهزموا ] ( ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا    ) . 
( سنة الله التي قد خلت من قبل    ) أي كسنة الله في نصر أوليائه وقهر أعدائه ( ولن تجد لسنة الله تبديلا    ) . 
قوله - عز وجل - : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا    ) قرأ أبو عمرو  بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، واختلفوا في هؤلاء :   [ ص: 313 ] 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  أخبرنا عبد الغافر بن محمد  ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي  ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان  ، حدثنا مسلم بن الحجاج  ، حدثنا  عمرو بن محمد الناقد  ، حدثنا  يزيد بن هارون  ، أخبرنا حماد بن سلمة  ، عن ثابت  ، عن أنس بن مالك  رضي الله عنهم : أن ثمانين رجلا من أهل مكة  ، هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبل التنعيم  متسلحين يريدون غدر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فأخذهم سلما فاستحياهم ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية : " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم    " . 
قال  عبد الله بن مغفل المزني    : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية  في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن ، وعلى ظهره غصن من أغصان تلك الشجرة فرفعته عن ظهره ،  وعلي بن أبي طالب  بين يديه يكتب كتاب الصلح ، فخرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الله بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " جئتم في عهد ؟ أو هل جعل لكم أحد أمانا ؟ " فقالوا : اللهم لا فخلى سبيلهم ، [ فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية ]   . 
				
						
						
