( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون     ( 2 ) ) 
( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض    ) أمرهم أن يبجلوه ويفخموه ولا يرفعوا أصواتهم عنده ، ولا ينادونه كما ينادي بعضهم بعضا ( أن تحبط أعمالكم    ) لئلا تحبط حسناتكم . وقيل : مخافة أن تحبط حسناتكم ( وأنتم لا تشعرون ) . 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد بن عيسى الجلودي  ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ،  حدثنا مسلم بن الحجاج  ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة  ، حدثنا الحسن بن موسى  ، حدثنا حماد بن سلمة  ، عن ثابت البناني  ، عن أنس بن مالك  قال : لما نزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي    " الآية ، جلس  ثابت بن قيس  في بيته وقال : أنا من أهل النار واحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -  سعد بن معاذ  فقال : يا أبا عمرو  ما شأن ثابت  أشتكى ؟ فقال سعد :  إنه لجاري وما علمت له شكوى ، قال : فأتاه سعد  فذكر له قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال ثابت    : أنزلت هذه الآية ، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنا من أهل النار ، فذكر ذلك سعد  للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بل هو من أهل الجنة " . 
وروي أنه لما نزلت هذه الآية قعد ثابت  في الطريق يبكي ، فمر به عاصم بن عدي  فقال : ما يبكيك يا ثابت ؟  فقال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في ، وأنا رفيع الصوت أخاف أن يحبط عملي ، وأن أكون من أهل النار ، فمضى عاصم  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغلب ثابتا  البكاء ، فأتى امرأته جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول ،  فقال لها : إذا دخلت بيت فرسي فشدي علي الضبة بمسمار ، وقال : لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتى عاصم  رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبره خبره فقال له : اذهب فادعه ، فجاء عاصم  إلى المكان الذي رآه فلم يجده ، فجاء   [ ص: 336 ] إلى أهله فوجده في بيت الفرس ، فقال له : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوك ، فقال : اكسر الضبة فكسرها ، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما يبكيك يا ثابت ؟  فقال : أنا صيت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت في ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ؟ فقال : رضيت ببشرى الله ورسوله ، ولا أرفع صوتي أبدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله : ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله    ) . 
				
						
						
