[ ص: 358 ]   ( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود     ( 12 ) وعاد وفرعون وإخوان لوط    ( 13 ) وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد    ( 14 ) أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد    ( 15 ) ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد    ( 16 ) إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد    ( 17 ) ) 
قوله - عز وجل - : ( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع    ) وهو تبع الحميري  ، واسمه أسعد أبو كرب  ، قال قتادة    : ذم الله تعالى قوم تبع  ولم يذمه ، ذكرنا قصته في سورة الدخان . 
( كل كذب الرسل    ) أي : كل من هؤلاء المذكورين كذب الرسل ( فحق وعيد    ) وجب لهم عذابي . ثم أنزل جوابا لقولهم " ذلك رجع بعيد " : 
( ( أفعيينا بالخلق الأول    ) يعني : أعجزنا حين خلقناهم أولا [ فنعيا ] بالإعادة . وهذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث  ، ويقال لكل من عجز عن شيء : عيي به . ( بل هم في لبس    ) أي : في شك ( من خلق جديد    ) وهو البعث . 
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه    ) يحدث به قلبه ولا يخفى علينا سرائره وضمائره ( ونحن أقرب إليه ) أعلم به ( من حبل الوريد    ) لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضا ، ولا يحجب علم الله شيء ، و " حبل الوريد " : عرق العنق ، وهو عرق بين الحلقوم والعلباوين ، يتفرق في البدن ، والحبل هو الوريد ، فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين . 
( إذ يتلقى المتلقيان    ) أي : يتلقى ويأخذ الملكان الموكلان بالإنسان  عمله ومنطقه يحفظانه ويكتبانه ( عن اليمين وعن الشمال ) أي أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات ، والذي عن الشمال يكتب السيئات . ( قعيد ) أي : قاعد ، ولم يقل : قعيدان ، لأنه أراد : عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، فاكتفى بأحدهما عن الآخر ، هذا قول أهل البصرة .  وقال أهل الكوفة    : أراد : قعودا ، كالرسول فجعل للاثنين والجمع ، كما قال الله تعالى في الاثنين : "   [ ص: 359 ] فقولا إنا رسول رب العالمين    " ( الشعراء - 16 ) ، وقيل : أراد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح ، لا القاعد الذي هو ضد القائم . وقال مجاهد    : القعيد الرصيد . 
				
						
						
