[ ص: 410 ] ( أم للإنسان ما تمنى ( 24 ) فلله الآخرة والأولى ( 25 ) وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ( 26 ) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ( 27 ) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ( 28 ) فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ( 29 ) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ( 30 ) )
( أم للإنسان ما تمنى ) أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام ؟ (
( فلله الآخرة والأولى ) ليس كما ظن الكافر وتمنى ، بل لله الآخرة والأولى ، لا يملك أحد فيهما شيئا إلا بإذنه .
( وكم من ملك في السماوات ) يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعتهم عند الله ( لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله ) في الشفاعة ( لمن يشاء ويرضى ) أي : من أهل التوحيد . قال ابن عباس : يريد - . وجمع الكناية في قوله : " شفاعتهم " والملك واحد؛ لأن المراد من قوله : " وكم من ملك " الكثرة ، فهو كقوله : " لا تشفع الملائكة إلا لمن - رضي الله عنه فما منكم من أحد عنه حاجزين " ( الحاقة - 47 ) .
( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ) أي : بتسمية الأنثى حين قالوا : إنهم بنات الله .
( وما لهم به من علم ) قال مقاتل : [ معناه ] ما يستيقنون أنهم [ بنات الله ] ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) " والحق " بمعنى العلم ، أي : لا يقوم الظن مقام العلم . وقيل : " الحق " بمعنى العذاب ، [ أي : أظنهم لا ينقذهم من العذاب شيء ] .
( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ) يعني القرآن . وقيل : الإيمان ( ولم يرد إلا الحياة الدنيا . ) .
ثم صغر رأيهم فقال : ( ذلك مبلغهم من العلم ) أي : ذلك نهاية علمهم وقدر عقولهم أن [ ص: 411 ] آثروا الدنيا على الآخرة .
وقيل : لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكة بنات الله ، وأنها تشفع لهم ، فاعتمدوا على ذلك وأعرضوا عن القرآن .
( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) أي : هو عالم بالفريقين فيجازيهم .