[ ص: 429 ] ( تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ( 14 ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر ( 15 ) فكيف كان عذابي ونذر ( 16 ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( 17 ) )
( تجري بأعيننا ) أي : بمرأى منا . وقال مقاتل بن حيان : بحفظنا ، ومنه قولهم للمودع : عين الله عليك . وقال سفيان : بأمرنا ( جزاء لمن كان كفر ) [ قال مقاتل بن حيان ] : يعني : فعلنا به وبهم من ثوابا لمن كان كفر به وجحد أمره ، وهو إنجاء نوح وإغراق قومه نوح عليه السلام ، وقيل : " من " بمعنى ما أي : جزاء لما كان كفر من أيادي الله ونعمه عند الذين أغرقهم ، أو جزاء لما [ صنع ] بنوح وأصحابه . وقرأ مجاهد : " جزاء لمن كان كفر " بفتح الكاف والفاء ، يعني كان الغرق جزاء لمن كان كفر بالله وكذب رسوله .
( ولقد تركناها ) يعني : [ الفعلة التي ] فعلنا ( آية ) يعتبر بها . وقيل : أراد السفينة . قال قتادة : أرض الجزيرة . عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة ( أبقاها الله [ بباقر دي ] من فهل من مدكر ) أي : متذكر متعظ معتبر خائف مثل عقوبتهم .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ، حدثنا محمد بن إسماعيل أبو نعيم ، حدثنا زهير عن أبي إسحاق أنه الأسود عن قوله : " فهل من مدكر " أو مذكر ؟ قال : سمعت عبد الله يقرؤها " فهل من مدكر " ، وقال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها : " فهل من مدكر " دالا . سمع رجلا سأل
( فكيف كان عذابي ونذر ) أي : إنذاري . قال الفراء : الإنذار والنذر مصدران ، تقول العرب : أنذرت إنذارا ونذرا ، كقولهم أنفقت إنفاقا ونفقة ، وأيقنت إيقانا ويقينا ، أقيم الاسم مقام المصدر .
( ولقد يسرنا ) سهلنا ( القرآن للذكر ) ليتذكر ويعتبر به ، وقال سعيد بن جبير : يسرناه للحفظ والقراءة ، " فهل من مدكر " ، متعظ بمواعظه . وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن